الصين تستعد لمواجهة "حروب ترامب التجارية" بـ"تكتيكات" بدأت مُبكرًا
لم تكن الصين مستعدة أكثر من أي وقت مضى، للوقوف أمام تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، المتعلقة بفرض تعريفات جمركية كبيرة على منتجات بكين، وهي التهديدات التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية بين أول وثاني أكبر اقتصادات العالم.
وخاض ترامب حملته الانتخابية على أساس وعد بفرض رسوم جمركية تزيد على 60% على السلع الصينية القادمة إلى الولايات المتحدة، وتشير تعييناته السياسية التي وصفت بالمتشددة تجاه بكين إلى أن الإدارة المقبلة ستسير في هذا الاتجاه لا محالة، ، بحسب شبكة إي بي سي أستراليا.
ولكن ردود الفعل الصينية على تلك التهديدات التي ربط ترامب استمرارها بمدى توقف تدفق الفنتانيل المخدرة، لم تكن على المستوى المتوقع، وفقا للخبراء، وبدلًا من ذلك وسعت بكين من نطاق سياسة تعود بالنفع على بعض الشركات الأمريكية.
وقررت الحكومة الصينية مد الإعفاءات الجمركية على واردات بعض المنتجات الأمريكية حتى 28 فبراير 2025، وهو القرار الذي يعني أن السلع التي يتم شراؤها من أمريكا ستظل مُعفاة من الضرائب الإضافية حتى بعد وصول ترامب للسلطة.
ويرى الاقتصاديون الصينيون الذين تحدثت معهم الشبكة الأسترالية، أن تلك الخطوة من الرئيس الصيني تعتبر بمثابة تكتيك للفوز في تلك اللعبة الدولية، إذ يمكن من خلالها لو نفذ ترامب تهديده أن تشير بأصابع الاتهام إليه أمام العالم بأنهم من بدأوا تلك الحرب أولًا.
وتظل الولايات المتحدة أكبر سوق للصادرات الصينية، إذ تمثل 15% من الصادرات الصينية، بجانب كونها أكبر وجهة فردية للسلع، التي بلغت نحو 500 مليار دولار، العام الماضي، وهو ما يعادل تقريبًا إجمالي صادرات بكين إلى الاتحاد الأوروبي.
ويسعى الرئيس الصيني من تلك الخطوة كما يقولون، إلى تقديم الصين أمام العالم على أنها الأكثر مسؤولية على النظام التجاري الدولي أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن تحركاته لمواجهة تأثير تلك التعريفات الجمركية قد بدأ منذ فترة طويلة.
وتظهر الأبحاث التي أجراها معهد أمريكان إنتربرايز، أنه بعد أن بلغت الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة ذروتها عند 53 مليار دولار أمريكي في عام 2016، انخفضت العام الماضي إلى 1.8 مليار دولار أمريكي فقط.
تلك الأرقام، كما يشير الخبراء، تعكس مدى ابتعاد الصين عن استمرار الاستثمار في الولايات المتحدة، وبدلًا من ذلك عززت تعاونها مع الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، التي تعد من أهم المشروعات في عهد جين بينج لنشر الحضور الصيني على المستوى الدولي.
وانضمت أكثر من 140 دولة إلى البرنامج، الذي يمول مشروعات البنية الأساسية في بلدانهم، وبفضل ذلك الأمر زاد حجم الواردات والصادرات بنسبة 2.8%، وبالمثل زاد الاستثمار مع تلك الدول بنسبة 22.6%.
وبفضل ذلك الأمر باتت دول الحزام والطريق تمثل الآن أكثر من 20% من الاستثمارات الخارجية العالمية للصين، مضيفين إلى ذلك رحلة الرئيس الصيني الأخيرة إلى أمريكا الجنوبية لحضور منتدى دول آسيا والمحيط الهادئ، وخرج منها بترقية اتفاقيات التجارة الحرة معهم.
في نهاية المطاف، يرى خبراء الصين، أنه إذا نجح ترامب، كما فعل في ولايته الأولى، في إبعاد أمريكا عن التحالفات والاتفاقيات الدولية، فقد يفتح الباب أمام شي جين للانتقال إلى دائرة الضوء، خاصة فيما يتصل بالتجارة، مشددين على إجراءات الرد على تعريفات ساكن البيت الأبيض الجديد قد بدأت بالفعل ومنذ فترة طويلة.