ذئاب تشيرنوبل تقاوم الإشعاع المُسبب للسرطان "بالتطور الجيني"

يعتقد العلماء أن الذئاب التي تعيش بالقرب من محطة تشيرنوبيل النووية الواقعة بمحاذاة مدينة برابيت الأوكرانية، على بعد 18 كيلومترًا شمال غربي مدينة تشيرنوبيل المهجورة حاليًا في مقاطعة كييف، والتي تم تشييدها لتوليد الطاقة الكهربائية، تطورت لتقاوم الإشعاع المسبب لمرض السرطان.

بحسب دراسة علمية أجراها باحثون بجامعة برينستون، في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، تتعرض ذئاب تشيرنوبيل لحوالي 11.28 ميليريم من الإشعاع يوميًا، وهو ما يزيد على 6 أضعاف حد الأمان القانوني للعامل البشري العادي. ووجد الفريق أن الذئاب التي تعيش في المنطقة غيّرت أجهزة المناعة، على غرار مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الإشعاعي، بالإضافة إلى التغيرات الجينية التي يبدو أنها تحمي من السرطان.

ويأمل علماء الأحياء من جامعة برينستون أن تحدد الدراسة التي تم تقديمها في الاجتماع السنوي لجمعية البيولوجيا التكاملية والمقارنة في سياتل بواشنطن، في نهاية المطاف الطفرات الاستباقية التي يمكن أن تزيد من احتمالات مكافحة المرض لدى البشر.

وأظهرت دراسات سابقة أن التعرض للإشعاع يسرِّع معدل الطفرة الجينية بين النباتات، إذ تطور بعض الأنواع كيمياء جديدة تجعلها أكثر مقاومة للضرر الإشعاعي وتحمي الحمض النووي الخاص بها، وفقًا للصحيفة البريطانية "ذا تليجراف".

ويدرس علماء الأحياء التطورية من جامعة برينستون عينات دم من الذئاب داخل وخارج منطقة تشيرنوبيل المحظورة (CEZ) - وهي منطقة تبلغ مساحتها 1000 متر مربع تم تطهيرها من النشاط البشري بعد الكارثة.

كارثة تشيرنوبل

وقعت كارثة تشيرنوبيل في 26 أبريل 1986، عندما أدى انفجار المفاعل رقم أربعة في محطة الطاقة النووية إلى انتشار النشاط الإشعاعي في جميع أنحاء أوروبا. وتوفي شخصان على الفور و29 آخرون خلال الأيام التالية بسبب متلازمة الإشعاع الحادة، في حين قدرت الأمم المتحدة أن نحو 4 آلاف آخرين لقوا حتفهم بسبب التداعيات، فضلًا عن إجهاض العديد من النساء أطفالهن خوفًا من تعرضهم للتسمم الإشعاعي.

ومع ذلك، وجد الباحثون في السنوات الأخيرة أن إغلاق الأراضي المحيطة أمام البشر سمح للحياة البرية بالازدهار، حيث أصبحت المنطقة الآن ملاذًا للوشق والبيسون والدب البني والذئاب والخنازير والغزلان بالإضافة إلى 60 نوعًا من النباتات النادرة. وتمثل منطقة الاستبعاد حاليًا ثالث أكبر محمية طبيعية في البر الرئيسي لأوروبا، وغالبًا ما تعتبر تجربة عرضية في إعادة الحياة البرية.

وأشار العلماء إلى أنه في الماضي، عندما كانت النباتات المبكرة تتطور، كانت مستويات الإشعاع الطبيعي على الأرض أعلى بكثير مما هي عليه الآن، لذلك قد تكون الأنواع قادرة على تبديل السمات الخاملة من أجل البقاء. ومع ذلك، لم يكن معروفًا ما إذا كان سيتم رؤية نفس التكيفات الوقائية في الحيوانات الأكبر حجمًا.

 

التعليقات