"من ضمنها رفع العلم مقلوبًا والخلط بين الكوريتين".. أخطاء فادحة في حفل افتتاح أولمبياد باريس
خالفت باريس التقاليد وتمكنت من تحويل حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 إلى استعراض على ضفاف نهر السين بدلًا من عرض تقليدي في استاد، لكن فعاليات هذا الحفل الضخم لم تخل من الأخطاء والعروض التي أثارت بعض الجدل في الأوساط الدولية.
واستمتع المشاهدون عبر التلفزيون في جميع أنحاء العالم بعرض ضخم تم أداؤه على الجسور وضفاف الأنهار وأسطح المنازل، وكان على ما يقرب من 6 آلاف رياضي، و3 آلاف فنان، و300 ألف متفرج، وعشرات من زعماء العالم، أن يتحمّلوا الأمطار الغزيرة.
خطأ فادح
وبدأت فعاليات الحفل بخطأ فادح، عندما ظهر علم الحدث العالمي الشهير مقلوبًا، حيث ظهر في مقطع فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي، الحراس وهم يرفعون العلم الأولمبي ذا الحلقات الخمس الملونة مقلوبًا، في ساحة تروكاديرو قرب برج إيفل، فيما لم يتضح بعد سبب هذا الخطأ، كما لم يعلّق المنظمون على الواقعة.
ويتكون شعار العلم الأولمبي من 5 حلقات، 3 حلقات في الأعلى (زرقاء وسوداء وحمراء)، وحلقتان في الأسفل (صفراء وخضراء).
بعثة كوريا الجنوبية
كما وقع منظمو الحفل في خطأ آخر كبير وضع الرياضيين الكوريين الجنوبيين في حرج شديد، فبينما كانوا يسافرون على طول نهر السين كجزء من الحفل أمس الجمعة، تم الإعلان عنهم خطأً على أنهم يتبعون جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وهو الاسم الرسمي لكوريا الشمالية.
وبعد أن وقع الخطأ من جانب المعلّقين باللغتين الفرنسية والإنجليزية، نشرت اللجنة الأولمبية على موقع إكس: "نعتذر بشدة عن الخطأ الذي وقع عند تقديم الفريق الكوري خلال بث حفل الافتتاح".
وأضاف مارك آدمز، المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية، في بيان له: "لقد وقع خطأ تشغيلي.. لا يسعنا إلا أن نعتذر، في أمسية مليئة بالأحداث، عن ارتكاب هذا الخطأ".
خطأ سابق
وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك الخطأ، حيث غادر فريق كوريا الشمالية لكرة القدم للسيدات أرض الملعب في لندن 2012 بعد عرض العلم الكوري الجنوبي على الشاشة أثناء استعدادهن لمواجهة كولومبيا، وأقنع الفريق بالعودة واللعب بعد تصحيح الأعلام، ليفوز في النهاية بالمباراة 2-0.
وقالت إذاعة "سي بي إس" الكورية الجنوبية إنه في حين أن الحادث كان بلا شك خطأ، إلا أنه من المخيب للآمال أن منظمي باريس فشلوا فيما كان ينبغي أن يكون جزءًا أساسيًا للغاية من الحدث.
العشاء الأخير
أيضًا وجّهت انتقادات لاذعة إلى المشهد التمثيلي للوحة "العشاء الأخير" للسيد المسيح ضمن فعاليات الحفل، الذي يشير فيما يبدو إلى لوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة "العشاء الأخير" لكن مع وجود أشخاص يرتدون أزياء نسائية في بعض الأوضاع.
وانتقدت الصحفية ورائدة الأعمال "كارلا إفستراتيو" المشهد وقالت بغضب: "إن المشهد المثير للجدل أثبت كيف أصبح من المقبول السخرية من المسيحية لكن الديانات الأخرى محظورة تمامًا على السخرية"، وفق "ديلي ميل".
الجزائر وحملة القمع
كما كان من اللافت في مشاهد الحفل، تذكير الرياضيين الجزائريين بفصل مظلم بشكل خاص من ماضي بلادهم الاستعماري، حيث أحضروا الورود الحمراء على متن قاربهم أثناء استعراضهم في الحدث، ثم ألقوها في النهر تكريمًا لضحايا حملة القمع التي شنّتها الشرطة الفرنسية على المتظاهرين الجزائريين في باريس عام 1961، وهتف بعض أعضاء الوفد "تحيا الجزائر!" باللغة العربية بعد إلقاء الورود، وفق "أسوشيتد برس".
ويقول المؤرخون إن نحو 120 متظاهرًا لقوا حتفهم وألقي القبض على 12 ألف شخص أثناء تظاهرهم في 17 أكتوبر 1961 دعمًا للاستقلال عن فرنسا، التي كانت تستعمر الجزائر آنذاك، وألقت الشرطة ببعض المتظاهرين في نهر السين.
حفيد كاسي يحيى
كان من بين الضحايا كاسي يحيى (عامل جزائري يعمل في نظام الصرف الصحي بباريس) ولم يتم العثور على جثته قط، وكان حفيده يانيس البالغ من العمر 28 عامًا، الذي كان يتابع الحدث من الجزائر، ويرحب بإحياء ذكرى الضحايا من قِبل وفد بلاده.
وقال يانيس: "إن القيام بمثل هذه البادرة في يوم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس هو بمثابة تكريم هائل لضحايا 17 أكتوبر، إنها لحظة مليئة بالعواطف الجياشة"، بينما قال جزائريون آخرون "إن الألعاب الأولمبية ليست الوقت المناسب لمثل هذه الخطوة الاحتجاجية".
وحصلت الجزائر على استقلالها عام 1962 بعد 132 عامًا من الحكم الاستعماري، كما سعت السلطات الفرنسية إلى التستر على مذبحة عام 1961 لعقود من الزمن، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعترف أخيرًا بأن "الجرائم" التي ارتكبت في ذلك اليوم "لا تغتفر للجمهورية".
انتقادات فنية
ووصف النقاد العرض الذي استمر أربع ساعات بأنه "الأسوأ على الإطلاق"، حيث أبلغ المشاهدون عن ضعف الصوت بسبب الأمطار الغزيرة بينما مازح البعض بأن المنظمين كانوا بحاجة إلى "إيقاف القوارب".
"حفل الافتتاح لم يكن على المستوى المطلوب".. كان هذا هو عنوان المراجعة التلفزيونية لصحيفة "نيويورك تايمز"، التي كتبت "أن العرض النهري حوّل الحفل إلى شيء أكبر وأكثر تنوعًا وأكثر تسلية بين الحين والآخر، لكنه حوله أيضًا إلى شيء أكثر اعتيادية مجرد مشهد آخر مبالغ فيه مصنوع خصيصًا للعرض على شاشة التلفزيون".
فيما انتقدت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الحفل، وكتبت "إذا كان هناك جانب سلبي في هذا الحفل، فهو أن أي حدث يتم إجراؤه على مسافة طويلة كهذه يتعين عليه أن يكافح من أجل الاستمرارية، والفرق الكبير بين هذا الحفل والاحتفالات الأخرى هو أن موكب الرياضيين كان مختلطًا بالعروض".