لماذا هاجمت إسرائيل "القرض الحسن" في لبنان؟ حكاية تبخُّر ذهب وأموال "البنك المركزي لحزب الله"

طالت 16 غارة إسرائيلية مواقع لجمعية القرض الحسن التابعة لحزب الله، في مختلف المناطق اللبنانية، لاسيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك خلال الساعات القليلة الماضية

ووثق العديد من المقاطع المصورة حجم الدمار الذي طار مقار تلك الجمعية، التي تعتبر بمثابة "البنك المركزي" لحزب الله، أو إحدى أذرعه المالية.

لعل الإجابة على هذا السؤال أتت مباشرة من قبل إسرائيل. فقد أكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان عبر منصة إكس أمس أن "جمعية القرض الحسن تشارك في تمويل نشاطات حزب الله ضد إسرائيل".

كما قال مسؤولون إسرائيليون إن الضربات تهدف إلى الإضرار بالأصول المالية لحزب الله وكذلك إضعاف علاقاته مع المجتمع اللبناني.

وأشار مسؤول عسكري إسرائيلي كبير في مؤتمر صحافي قبل توجيه الضربات إلى أن "الغرض استهداف قدرة حزب الله على العمل أثناء الحرب، فضلا عن إعادة بناء قدراته بعد انتهاء الصراع".

أما الهدف الآخر، بحسب المسؤول، فيكمن في أن الضربات هدفها تقليص الثقة بين حزب الله والشعب اللبناني. وأردف قائلا: "الهدف الرئيسي هو التأثير على الثقة بين حزب الله والعديد من أبناء الطائفة الشيعية الذين يستخدمون هذه الجمعية كنظام مصرفي"، حسب ما نقلت "وول ستريت جورنال".

بدوره، رأى الكاتب الصحافي حنا صالح أن استهداف فرع مؤسسة "القرض الحسن" ضربة قوية للبيئة الحاضنة لحزب الله، مضيفا أن آلاف العائلات المؤيدة للحزب حصلت على قروض من المؤسسة مقابل رهن الذهب والمصوغات.

كما أضاف أن حزب الله لم يتمكن من نقل مئات الخزائن الحديدية المحتوية على الذهب إلى مناطق أخرى.

أوضح أن "القرض الحسن" واصلت فتح فروع جديدة لها بينما كان القطاع المصرفي في لبنان ينهار منذ العام 2019.

في نفس السياق، اعتبر النائب الأميركي الجمهوري السابق، ديفيد رمضان، أن استهداف تلك المؤسسة يهدف إلى زرع الفتنة بين مناصري حزب الله نتيجة الخوف من ضياع أموالهم. وأضاف أن الاختراق السيبراني للجمعية قبل سنوات كشف وجود ما يقارب 250 ألف حساب.

بدورها، أوضحت لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في SOAS ومؤلفة دراسة عن شبكات نفوذ حزب الله، أن "الخسارة الرئيسية للأشخاص الذين يستخدمون خدمات القرض الحسن، تكمن في ضياع الذهب الذي رهنوه مقابل القروض".

إلا أنها رأت أنه "طالما بقيت العمليات المالية الخارجية لحزب الله نشطة، وطالما استمرت إيران في تمويله، فإن عملاء القرض الحسن يتوقعون أن يتمكن حزب الله من تعويضهم عن خسائرهم"، وفق ما أفادت "وول ستريت جورنال.

في المقابل، أفادت مصادر مقربة من حزب الله والقرض الحسن، بأن الجمعية نقلت كافة الأموال والموجودات إلى أماكن آمنة.

وكانت عشرات الغارات الإسرائيلية استهدفت، مساء الأحد، فروعاً لجمعية "مؤسسة القرض الحسن" في مناطق لبنانية عدة بعد تحذير للجيش الإسرائيلي من أنه سيستهدفها.

ففي الضاحية الجنوبية لبيروت بلغ عدد الضربات الذي طال مقرات تلك الجمعية وحدها ما يقارب الـ 11، منها غارة على فرع للقرض الحسن قريب من مطار رفيق الحريري الدولي.

كما استهدفت مقار لتلك المؤسسة في بعلبك والهرمل ورياق في شرق لبنان، فضلا عن صور وغيرها من المدن الجنوبية.

أما في مدينة صيدا الساحلية بجنوب بيروت، فقد دفع الذعر داخل مدرسة تحولت إلى ملجأ بالقرب من أحد فروع القرض الحسن، النازحين المقيمين فيها إلى المغادرة على عجل بحثا عن الأمان، وتحديدا من خلال التوجه إلى الواجهة البحرية، بحسب فرانس برس.

يذكر أن "جمعية القرض الحسن" ليس لديها أي ارتباط بالمصرف المركزي اللبناني، ولا تخضع لقانون "النقد والتسليف" الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان، وهي مسجّلة لدى وزارة الداخلية بصفة جمعية خيرية".

إلا أنها استفادت بحسب العديد من المصادر المصرفية من الأزمة الاقتصادية والنقدية التي هزت البلاد منذ 2019، وباتت أشبه بمؤسسة مصرفية تُعطي القروض على عكس المصارف اللبنانية الشرعية.

كما أكدت مصارف مصرفية أن عمل "القرض الحسن" غير شرعي ومصدر تمويلها من أموال "غير نظيفة"، وقد استفادت من تحوّل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي Cash Economy ..

وكان أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل يوم 27 سبتمبر الماضي، دافع عن تلك الجمعية العام في يناير 2021، قائلا إن "إجمالي عدد المستفيدين منها بلغ نحو مليون و800 ألف مستفيد، وأن مجموع المساهمات والقروض التي استفاد منها الناس بلغ أكثر من 3 مليارات دولار"، علماً أن نصر الله كان أقر سابقاً بأن مصدر تمويل المؤسسة الكامل هو من طهران.

ومع وقوع المزيد من اللبنانيين في براثن الفقر بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، اتجهت أعداد متزايدة إلى تلك "الذراع المالية" لحزب الله للحصول على المساعدة.إذ عمدت الجمعية إلى تقديم قروض صغيرة بالدولار دون فوائد في وقت احتاج فيه نعطم اللبنانيين بشدة إلى العملة الصعبة، بينما كانت البنوك التجارية تمتنع عن الإقراض.

فيما فرض على المتقدمين بطللب القرض إلى هذه المؤسسة، رهن بعض مصوغات الذهب كضمان مقابل الحصول على 5000 دولار.

 

التعليقات