حكاية "غارة البيجر" في لبنان.. خطوة إسرائيلية تُعزز التخوُّف من الحرب الواسعة

تعتبر تفجيرات أجهزة الاتصال الخاصة بعناصر حزب الله في لبنان "البيجر"، تصعيدًا كبيرًا في الهجمات الإسرائيلية ضد حزب الله اللبناني، يعزز المخاوف من اندلاع المواجهة العسكرية الشاملة بين الجانبين.

ولقي 12 لبنانيًا حتفهم، فيما أصيب 4 آلاف آخرين في سلسلة انفجارات متزامنة استهدفت أجهزة "البيجر" الخاصة بعناصر حزب الله اللبناني في بيروت ومناطق متفرقة أخرى، وتم إلقاء اللوم على إسرائيل في عملية نُسبت للموساد.

وقال حزب الله اللبناني، إن العديد من عناصر وحداته ومؤسساته العسكرية كانوا من بين الضحايا.

وأصدر الحزب بيانًا، صباح اليوم الأربعاء، قال فيه إنه سيواصل القتال ضد إسرائيل على طول الحدود بشكل منفصل عن انتقامه لهجوم جهاز النداء، مضيفًا أن على إسرائيل أن تتوقع ردًا انتقاميًا على العملية.

وقال مسؤول إسرائيلي سابق مطلع على العملية، إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية خططت لاستخدام أجهزة النداء المفخخة، التي تمكنت من "زرعها" في صفوف حزب الله كضربة افتتاحية مفاجئة في حرب شاملة، لمحاولة شل قدرة حزب الله على شن هجمات على إسرائيل، وفق ما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي.

وصورت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية "هجوم البيجر في لبنان" كأنه شيء من فيلم خيال علمي.

وقال أفي سخارورف، المحلل العسكري الإسرائيلي بالصحيفة: "إذا كانت إسرائيل بالفعل هي التي تقف وراء سلسلة التفجيرات في لبنان، فمن المشكوك فيه أن يتمكن حزب الله من احتوائها".

وأضاف: "ربما نتوقع تصعيدًا، وربما حتى حربًا واسعة النطاق ستتسبب في سقوط العديد من الضحايا بجميع أنحاء إسرائيل".

وتابع "سخاروف" في مقاله: "معنى الحرب الشاملة ضد إسرائيل أمر صعب للغاية. هذه ليست منظمة صغيرة مثل حماس، لكنها جيش يمتلك ترسانة تبلغ نحو 150 ألف صاروخ وصاروخ دقيق التوجيه، وأسلحة متنوعة وفتاكة".

وأردف: "إن واقع حرب واسعة النطاق ضد حزب الله سيتسبب في سقوط العديد من الضحايا بجميع مناطق إسرائيل، ولن يقتصر القتال بعد الآن على الحدود الشمالية، وسيكون له عواقب اقتصادية ضخمة".

وتوقع المحلل العسكري الإسرائيلي، أن تشهد الأيام المقبلة تصعيدًا كبيرًا على الجبهة الشمالية، الأمر الذي قد يجبر جيش الاحتلال في نهاية المطاف على اتخاذ إجراءات على الأرض أيضًا.

واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، هجوم البيجر في لبنان، تصعيدًا كبيرًا من قبل إسرائيل، مشيرة إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية نفذت اغتيالات سابقة ضد قادة حماس وحزب الله اللبناني منذ عقود، لكن تفجيرات البيجر المتزامنة تعكس رغبة قاسية وعشوائية في استهداف حزب الله.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن يوسي ميلمان، مؤلف كتب عن الاستخبارات الإسرائيلية، أن هجوم البيجر يعزز من فرص تصعيد أزمة الحدود إلى حرب، وزعم أن هذا "يعد بمثابة إشارة إلى الذعر"، لأنه في حين قال إنه أظهر قدرة غير عادية على ضرب قلب حزب الله، إلا أنه لم يكن مستهدفًا بشكل كبير، ولن يغير الصورة الاستراتيجية الأوسع.

ولفتت "الجارديان" إلى أن تفجيرات البيجر في لبنان لن تكون المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بعملية اغتيال أو هجوم ضخم آخر وتأتي النتائج بنتائج عكسية، أو لم يتطور الوضع كما كان مقصودًا.

في يناير 1996، استخدم هاتف محمول تم تخريبه لتفجير يحيى عياش، كبير صانعي القنابل في حماس آنذاك، في مدينة غزة. وكان عياش، المعروف باسم "المهندس"، يعتبر مسؤولًا عن إدخال استراتيجية تنفيذ الهجمات الانتحارية على حافلات الركاب الإسرائيلية، لكن مقتله أدى إلى موجة جديدة من تفجيرات الحافلات.

في عام 1997، نجا خالد مشعل، الزعيم السياسي لحماس، من محاولة اغتيال، فقد تم حقن مشعل بالسم في أذنه في عملية أذن بها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في أثناء وجوده بالأردن. ونجا مشعل، وتم القبض على بعض العملاء الإسرائيليين المسؤولين عن المحاولة، الأمر الذي دفع الملك حسين عاهل الأردن السابق، إلى إلغاء اتفاق السلام والتهديد بإعدام المتآمرين، ما لم يتم تزويدهم بالترياق، واضطرت إسرائيل المحرجة إلى القيام بذلك.

ومنذ بداية الحرب على غزة، 7 أكتوبر، كانت هناك محاولات عديدة من جانب الاحتلال لاغتيال قادة حماس، وتمكن الاحتلال من اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية، في طهران، أغسطس الماضي، الأمر الذي دفع إيران إلى التحذير من أنها سترد بعمل عسكري مباشر ضد إسرائيل.

ورغم أن إيران امتنعت عن شن هجوم، فإن الحرب على غزة تقترب من دخول عامها الثاني، في حين أن التوترات مع حزب الله في الشمال لم تكن أعلى من أي وقت مضى.

 

التعليقات