معاناة الفلسطينيين اليومية "بين القصف والمجاعة" للبقاء على قيد الحياة

دخل الحصار الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة أسبوعه الرابع، وسط تحذيرات متزايدة من انتشار سوء التغذية بين السكان، خاصة الأطفال، مع منع دخول المساعدات الإنسانية الأساسية، في حين تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين حاجز الـ50 ألفًا، منذ بدء العدوان قبل نحو 18 شهرًا، بينما يستمر القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة من القطاع، حسبما كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وشنت إسرائيل موجة جديدة من الهجمات الجوية، الثلاثاء الماضي، ما أسفر عن استشهاد 400 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، مُنهية بذلك شهرين من الهدوء النسبي في القطاع.

وفي تطور لافت، استشهد صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدينة خان يونس، أمس الأحد.

وأصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة للفلسطينيين في مناطق غرب مدينة رفح الفلسطينية، إذ تواصل قوات الاحتلال عملياتها البرية.

وتضمنت أوامر الإخلاء منع التنقل بالمركبات، في وقت تتعدد فيه التقارير عن استشهاد وإصابة مدنيين في هجمات إسرائيلية على السيارات في غزة، خلال الأيام الأخيرة.

ويواجه سكان غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار الحصار الإسرائيلي الشامل، إذ قطعت إسرائيل الإمدادات عن غزة بعد ساعات من انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة، وفقًا لـ"الجارديان".

وحسب الصحيفة البريطانية، فإن توزيع المساعدات سينخفض تدريجيًا، في حين أن توفير المطابخ المجتمعية التي تطعم نحو مليون شخص سيصبح أكثر صعوبة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الأمم المتحدة مقره في غزة قوله: "في مرحلة ما سننفد من الإمدادات وستصبح الأمور يائسة، لكن حتى لو كانت لدينا إمدادات، فسيكون من الصعب جدًا توزيعها لأن البيئة الأمنية تعني أننا لا نستطيع العمل".

أدى نقص الإمدادات إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية المحدودة المتوفرة، إذ أصبحت غير ميسورة التكلفة للغالبية العظمى من السكان، وارتفع سعر البطاطس إلى ما يعادل 6 دولارات للكيلوجرام، أي خمسة أضعاف سعرها قبل شهر.

وقال الدكتور خميس الإسي، طبيب استشاري كبير في مدينة غزة لـ"الجارديان": "من الواضح جدًا أن الناس يعانون من نقص الوزن، والأطفال يحتاجون إلى الطعام المغذي".

وأكد الدكتور فيروز سيدوا، طبيب طوارئ أمريكي متطوع في غزة، أن عواقب 18 شهرًا من النظام الغذائي السيئ واضحة بين مرضاه، مضيفًا: "نرى بوضوح شديد أن الجميع قد فقدوا وزنهم، يمكنني أن أرى أن جروح العمليات الجراحية التي أجريها لا تلتئم بشكل جيد".

تفاقمت الأزمة الإنسانية مع استمرار التهجير القسري للسكان، إذ شوهد في مدينة رفح الجنوبية رجال ونساء وأطفال يسيرون على طريق ترابي ويحملون متعلقاتهم بين أيديهم، إذ اضطر معظم سكان غزة إلى الفرار داخل المنطقة، وغالبًا لمرات متعددة.

"إنه نزوح تحت النار".. قالها مصطفى جابر، صحفي محلي يتنقل مع أسرته، للصحيفة البريطانية، "هناك جرحى بيننا. الوضع صعب للغاية"، وفقًا لـ"الجارديان".

وقال هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "هناك الكثير من القلق بشأن ما سيحدث، خاصة قلق الآباء على أطفالهم. الأمر لا ينتهي: أوامر الإخلاء، الانفجارات، المستشفيات مليئة بالمصابين، نشهد الآن ندرة في الغذاء. الوضع غير متوقع للغاية".

وأضاف: "يمكننا سماع انفجارات هائلة معظم اليوم. يتم تلقي تقارير عن ضحايا كل ساعة، لكن المسعفين لا يستطيعون الوصول إلى جميع مواقع الهجمات لأنها خطيرة للغاية أو لأنهم لا يملكون وقودًا كافيًا لسيارات الإسعاف".

كشفت الجارديان أن الأهداف الحقيقية للهجوم الإسرائيلي الجديد قد تتجاوز ما تعلنه الحكومة الإسرائيلية من تدمير حماس وإعادة الأسرى، إذ صرّح إسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي: "أعطيت تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على أراضٍ إضافية في غزة، وإخلاء السكان، وتوسيع المناطق الأمنية حول غزة".

وأضاف "كاتس" بشكل صادم: "كلما استمرت حماس في رفض الإفراج عن الأسرى، كلما فقدت المزيد من الأراضي التي ستضاف إلى إسرائيل".

في خطوة أثارت قلق خبراء القانون الدولي، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي، السبت الماضي، على اقتراح بإنشاء مديرية جديدة مكلفة بتعزيز ما وصفته بـ"المغادرة الطوعية" للفلسطينيين.

شهدت إسرائيل احتجاجات ضخمة، إذ تظاهر أكثر من 100 ألف شخص ضد محاولات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لإقالة كل من رئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، والمدعي العام جالي بهراف ميارا.

وتزايدت الدعوات داخل إسرائيل لإعطاء الأولوية لعودة المحتجزين بدلًا من استمرار العدوان على غزة، إذ وقع 40 أسيرًا إسرائيليًا تم تحريرهم و250 من أفراد عائلات الجنود والمدنيين الإسرائيليين، الذين لا يزالون محتجزين في غزة، رسالة تدعو نتنياهو إلى وقف "الحرب التي لا نهاية لها".

 

التعليقات