حكاية "فضيحة سيجنال".. جمهوريو مجلس الشيوخ يثيرون "عاصفة" ضد إدارة ترامب

تعرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأزمة مبكرة، هزَّت أركانها بسبب ما عُرف بـ"فضيحة تسريب سيجنال"، فبينما كان يُفترض أن تكون هذه الفترة بداية قوية للإدارة الجديدة، فإن أصواتًا بارزة من جمهوريي مجلس الشيوخ بدأت تطالب بتحقيقات موسعة، محذرة من أن هذا الحادث قد يصبح "مشكلة سياسية كبيرة"، في ظل تسريب خطط عسكرية حساسة لضرب أهداف حوثية في اليمن.

وفي هذا الصدد، استعرض صحيفة "ذا جارديان" البريطانية تطورات القضية وردود الأفعال المتباينة داخل الحزب الجمهوري وخارجه،.

فضيحة "سيجنال"

انطلقت شرارة الأزمة عندما أُضيف رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتك" جيفري جولدبيرج بالخطأ إلى محادثة خاصة على تطبيق "سيجنال" المشفر، كانت تضم كبار المسؤولين الأمنيين في إدارة ترامب، بمن فيهم نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو.

وبحسب الصحيفة، كانت المحادثة تتضمن خططًا حساسة لشن ضربات عسكرية على أهداف للحوثيين في اليمن، مع تفاصيل دقيقة عن الأهداف ومواعيد الإطلاق، وحتى حالة الطقس في أثناء الهجوم.

لم تتوقف القضية عند هذا الحد، إذ نشرت "ذي أتلانتك"، دفعة إضافية من الرسائل المسربة، ما زاد من إحراج الإدارة الأمريكية وأثار موجة انتقادات لم تقتصر على الديمقراطيين، بل امتدت إلى داخل الحزب الجمهوري نفسه.

لم تمر الفضيحة مرور الكرام على أعضاء الحزب الجمهوري، إذ أعربت السيناتورة ليزا موركاوسكي من ولاية ألاسكا عن قلقها البالغ، محذرة من أن الحادث قد يتحول إلى "مشكلة سياسية كبيرة" إذا لم تُعالج بجدية.

وفي تصريح نقلته "ذا جارديان" قالت موركاوسكي: "هذا ما يحدث عندما لا تكون الأمور تحت السيطرة بشكل كامل"، في إشارة إلى الفوضى الظاهرة في إدارة ترامب.

بدوره، دعا السيناتور روجر ويكر، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى تحقيق رسمي من المفتش العام لوزارة الدفاع، بينما اقترح آخرون توسيع التحقيق ليشمل لجنة الاستخبارات.

هذه المطالبات تعكس حجم القلق المتزايد بين الجمهوريين، الذين يرون أن هذا التسريب يكشف عن ثغرات خطيرة في الأمن القومي.

خلال جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات الثلاثاء الماضي، واجه كل من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف استجوابًا حادًا، وبينما أكدا أن "لا مواد سرية" تم تسريبها، لكن هذه التصريحات لم تهدئ من روع الجمهوريين الذين يصرون على ضرورة التحقيق.

في قلب العاصفة، برز اسم مستشار الأمن القومي مايك والتز كالمتهم الرئيسي في التسريب، إذ أشارت "ذا جارديان" إلى أنه من أضاف الصحفي جولدبيرج إلى المحادثة عن طريق الخطأ.

في ظهور على "فوكس نيوز"، مساء الثلاثاء، تحمّل "والتز" المسؤولية الكاملة قائلًا: "أنا من أنشأ المجموعة وأتحمل المسؤولية"، رافضًا تحميل أي موظف مسؤولية الخطأ، ومبررًا الأمر بتشابه في جهات الاتصال، لكنه لم يوضح كيف حدث ذلك، بل هاجم الصحفي بشدة واصفًا إياه بـ"أحط الصحفيين".

لكن هذه الرواية اصطدمت بتصريحات متناقضة من ترامب، الذي قال في مقابلة إن أحد الموظفين في فريق والتز قد يكون السبب، مضيفًا: "نعتقد أن شخصًا ما كان على الخط بإذن، ربما أحد العاملين مع مايك والتز، لديه رقم جولدبيرج وأضافه عن طريق الخطأ"، وهذا التناقض بين الرئيس ومستشاره أثار تساؤلات حول مصداقية الإدارة، وزاد من الضغوط لكشف الحقيقة الكاملة.

تشير الصحيفة البريطانية إلى أن الفضيحة كشفت عن انقسام عميق داخل الحزب الجمهوري، إذ يرى التقليديون من "الصقور" أن والتز ركيزة لدفع سياسة خارجية عدوانية، ويدعون إلى بقائه في منصبه، بينما يعارض "الترامبيون" مثل جي دي فانس هذا النهج.

ورغم الجدل، يبدو منصب والتز آمنًا حتى الآن، إذ وصفه ترامب بأنه "رجل جيد جدًا"، ما يشير إلى دعم الرئيس له رغم الانتقادات.

 

التعليقات