خروج بريطانيا.. وثمن الديمقراطية!
Thursday, June 30, 2016 - 23:50
مازالت أصداء نتيجة الاستفتاء بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي تدوي حتى الآن ، ومازالت الأخبار والتحليلات تسيطر على جميع وسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي والمحافل السياسية والاقتصادية.و بطبيعة الحال، بريطانيا دولة مهمة وهذا القرار سيكون له تأثير سياسي و إقتصادي و إجتماعي لا يعرف أحد مداه الآن، ولكن الآثار ستكون عميقة وعلى المدى البعيد.
وما يمكن أن نرصده الآن ، بعض الدروس التي يمكن أن نتعلمها من هذا الحدث المهم:
١) الديمقراطية ليست بدون مخاطر: فهي تعطي نفس الصوت للمتعلم و للجاهل و لمن يدرك مخاطر القرار و من لا يدرك أبعاده الخطيرة ونفس الصوت يملكه من يقرر بعقله ومن يقرر بمشاعره. فالعبء هنا علي السياسيين لتوعية الشعب بوجهة النظر التي يتبنونها ويدافعون عنها.
٢) العالم أصبح فعلا قرية صغيرة: لأن قرارات شعب بعينه تؤثر علي شعوب أخري لم يؤخذ رأيها في هذه القرارت وكرة الثلج التي تتدحرج في لندن تصل بصورة اكبر إلى سكوتلاندا وأيرلندا وإلى جنوب المتوسط .. ولأي لاجئ قادم من سوريا في اليوم التالي!
٣) كل صوت له قيمة: وهنا تظهر فعلا قوة الصوت الواحد من خلال النسبة الضئيلة جدا التي بسببها خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
٤) أهم درس يجب أن تتعلمه شعوب العالم الثالث "أو الرابع" :هو درس تحمل المسئول لمسئولية وتبعات قراره. فمجرد أن ظهرت نتيجة الاستفتاء رسميا، خرج بعدها بساعة واحدة رئيس وزراء بريطانيا ليعلن مسئوليته و خيبة أمله ومن ثم استقالته من رئاسة الوزراء واعترف عى الفور بأنه أخطأ في التقدير و رأى أن الفترة القادمة تحتاج الي قيادة مختلفة و رؤية أخرى للحكم والقيادة في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي ، ولم يخرج رئيس الوزراء ليبرر أو يحلل أو يلقي اللوم على فئة أو قطاع من الشعب ، ولم يخرج ليعلن أنه قادر علي تخطي المرحلة. او ليعاتب الإعلام أو مجلس العموم ، و لكنه خرج فقط ليعلن أنه سيتنازل عن منصبه لشخص آخر أفضل وأقدر على قيادة الدولة في ظل المتغيرات التي طرأت، وأعلن أنه سيواصل العمل حتى تسليم البلاد لمن يليه بأقل الخسائر.
وبقدر ما تسعفني ذاكرتي فأنا طوال حياتي و حتي اليوم بينما أشرف على سن ال٦٠ ، لا أتذكر أن أي رئيس وزراء أو وزير في بلادنا أو رئيس مؤسسة أعلن أنه أخطأ التقدير أو اتخذ قرارا غير صائب و أعلن مسئوليته عنه و تنازل عن منصبه تلقائيا ( كانت حالة عبد الناصر بعد هزيمة ٦٧ استثنائية وقيل انها تمثيلية وهذه قصة أخرى ) ولكننا عموما في بلادنا لا نخطئ أبدا، المسئولون عندنا ملائكة، قراراتهم في محلها ونظرتهم صائبة ثاقبة، ولهذا فهم يستمرون لسنوات طويلة متمسكون بمواقفهم حتى إذا كانت نتائجها كارثية! المسئولون في بلادنا لا يتراجعون عن خطأ ، ورؤاهم مستقبلية دائما وأبدية وخالدة. وانظر مثلاً إلى عضوية مصر والدول العربية الأخرى في "منظومة جامعة الدول العربية" الفاشلة المترهلة، .. هل الاستمرار في عضويتها خطأ.. أبداً، هل إستمرارها على حالها بدون تطوير أو تغيير خطأ .. أبداً ، هل فكر أحد من زعماءنا أن يسأل المصريين ذات يوم في استفتاء عام، هل يقبلون الاستمرار في عضوية الجامعة الميتة الهامدة؟ أبداً .. انهم لا يخطئون! .. والسؤال الآن هل عندما شاهدوا البريطانيون يصوتون ويخرجون .. هل يتعلمون ؟!
التعليقات