
المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية : لا تغيير فى الخريطة السياسية
إتمام المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية يعتبر الإنجاز الأهم على الساحة السياسية المصرية ، بأكثر من نتائج الانتخابات نفسها ، ولذلك يحبس النظام السياسي والحكومة أنفاسها انتظارا لانتهاء تلك الانتخابات على خير بدون أية حوادث كبري تعرقل مسار الانتخابات ، التى تعتبر نهاية لخارطة الطريق التى تم إعلانها فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ، يوم الإعلان. عن إسقاط حكم الاخوان وعزل الرئيس الاخوانى محمد مرسي ثم حبسه مع قيادات وكوادر جماعة الاخوان وحليفاتها من تيار التاسلم السياسي ، وتقديمهم الى المحكمات بتهم مختلفة تراوحت بين التخابر والقيام بأعمال ارهابية وتخريبية لإسقاط الدولة المصرية .
وحين تغلق مراكز الاقتراع مساء الغد بدون أية احداث عنف كبيرة تؤثر على سلامة الانتخابات ، سيتنفس النظام الصعداء ، وستتحقق له الملامح الاخيرة للشرعية ، بعد إنجاز الدستور والانتخابات الرئاسية ، ولن يكون بوسع اى قوى خارجية او داخلية منازعة هذا النظام فى اى من جوانب شرعيته ، ويأمل النظام بالتالى فى الدخول نحو مرحلة طويلة من الاستقرار السياسي ، فى ظل وضوح شكل البرلمان القادم، الذى أصبحت هويته واضحة على الرغم من عدم الانتهاء بعد من المرحلة الثانية للانتخابات ، اذ تشير نتائج المرحلة الاولى الى عدم إمكانية حصول اى تكتل سياسي او حزبي على الأغلبية فى هذا البرلمان ، عكس اخر برلمان الذى كانت جماعة الاخوان بالمشاركة مع حزب النور " السلفى " وأحزاب ذات توجه اسلامى اخري تسيطر على غالبية مساعدة بنسبة تفوق الثلثين ، وكان اخر برلمان فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك خاضعا لسيطرة الحزب الوطنى الذى تم حله بعد الثورة ، مع تمثيل هامشي للاخوان انفسهم وبقية الأحزاب الاخري .
وعلى ذلك يتوقع ان يتقاسم النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان كتلة تيار المستقبل الذى يقوده محمد بدران وهو شاب عمره ٢٤ عاما لم يتمكن أصلا من خوض الانتخابات بسبب صغر سنة ، وينظر الى هذا التيار الذى حظى بدعم مالى من رجال اعمال ومن جهات كبري على انه حزب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى اصطحب بدران لدى افتتاحه مشروع قناة السويس الجديدة . وينافس هذا التيار حزب المصريين الاحرار المعبر عن الرأسمالية المصرية ومجتمع رجال الاعمال وأصحاب الشركات الكبيرة ، فى زل توجهات الدولة المعلنة بإعطاء القطاع الخاص ٧٥ بالمائة من النشاط الاقتصادى ، وان يكون دور الدولة قاصرا على المشروعات القومية الكبري ومحفزا للنشاط الاقتصادى مع حماية أسس النظام الرأسمالي الحر بكل قواعده . ويبرز حزب الوفد الليبرالي والذى لا يختلف سياسيا فى توجهاته عن المصريين الاحرار كقوة ثالثة ، خاصة اذا ماتم تفكيك تحالف " فى حب مصر " الذى يضم ممثلين لأحزاب سياسية ، وهو احتمال يتراجع بشده فى ظل رغبة أعضاء التحالف على الإبقاء على قوتهم البرلمانية واستمرار التنسيق فيما بينهم رغم اختلاف الهويات السياسية وهو ما سوف تظهره الممارسة البرلمانية ، ولكن المهم ان تلك القوي الثلاث ستشكل الظهير السياسي للنظام فى مواجهة المعارضة التى يقودها حزب النور السلفى على استحياء ، اذ سيركز هذا الحزب على التشريعات والجوانب ذات البعد الدينى والاجتماعى حفاظا على شعبيته وتلبية تطلعات قواعده ،و على الرغم من ان حزب النور كان مشاركا فى تحالف ٣ يوليو الذى أطاح بالإخوان ، فانه سيحاول ان يلعب دور المعارضة بعد انت عرض لحملة كبيرة ادت الى تقليص نفوذه السياسي والجماهيري وبالتالى البرلمانى بشده . اما بقية الأحزاب والتحالفات الصغيرة فلن تظهر فى البرلمان القادم بصورة كبيرة خاصة مع تراجع شعبية الأحزاب اليسارية والناصرية والتى لم تحقق سوى عدد مقاعد اقل من أصابع اليد الواحدة فى المرحلة الاولى ، ويتوقع ان تحقق مثلها فى المرحلة الثانية ، وهى تعتبر ان معركتها الاساسية مع جماعة الأخوان وحزب النور ، فبما لن يشمل النواب الأقباط الذين انتخبوا بفضل نظام القوائم كتلة سياسية على الإطلاق وسيحاولوا الحفاظ على انتمائهم السياسي واستبعاد اى ظهور طائفي لهم ، شانهم شان الفئات التى تم تمثيلها فى البرلمان " المرأة والمعاقين والمصريين فى الخارج " وفقا لمبدأ التمييز الإيجابي لضمان أوسع تمثيل لهم ، وسيشكل هؤلاء مع المستقلين كتلة متحركة ستتحرك فى التصويت وفقا للمصالح الاجتماعية ، ولن تشكل اى معارضة ذات تأثير للنظام الذى سينعم فى النهاية ببرلمان مسالم خال من الصراعات البرلمانية ، والمهم أصلا ان تنتهى الانتخابات اليوم عل. خير فذلك هو الإنجاز الأهم بأكثر من من ينجح ومن لن ينجح ، فآل خريطة ان تتغير كثيرا فى كل الاحوال !