«سرب الحمام» المشاعر قبل المعارك!
أعلنت، أمس، جوائز لجنة تحكيم مهرجان الكويت السينمائى فى طبعته الثانية، وحظى فيلم (سرب الحمام) للمخرج رمضان خسروه بالجائزة الكبرى للمهرجان، وتكونت اللجنة من الباحث الكويتى المخضرم عامر التميمى والمخرج البحرينى بسام الزوادى والممثلة الأردنية نادرة عمران.
الفيلم برغم القسوة والدماء والعنف إلا أنه يحمل إحساسا شاعريا، برؤية للشيخة انتصار سالم العلى، استوحتها من ذاكرتها لحظة الغزو العراقى للكويت، عندما كانت تروى لأبنائها الصغار حكايات تسليهم وكأن ما يسمعونه من ضربات قنابل ورصاص بنادق خارج البيت، هو مجرد جزء من الحكاية الخيالية، حتى لا تُثير هلعهم، فكانت تتحدث عن سرب الحمام وهو المعادل الموضوعى العالمى للسلام.
السيناريو الذى كتبته لطيفة الحمود اقترب من سرد الواقع، وفى نفس الوقت حرص على أن ينفذ للإنسان، فهو يراهن على أن العمق الوجدانى بين الكويت والعراق قائم، وأن الغزو الغاشم بمثابة لحظة جنون أطلقها صدام حسين، إلا أنه لا يعبر عن حقيقة الإنسان وهكذا قاوم الرجال الغزو ببسالة، وكان أمامهم خيار من اثنين إما الموت أو الاستسلام، فقرروا أن يرفعوا العلم من فوق أعلى المنزل الذى يدافعون عنه حتى الرمق الأخير، وهكذا شاهدنا الفنان الكويتى داوود حسين الذى اشتهر بالأداء الكوميدى وهو يلعب دورا تراجيديا باقتدار ويقود مجموعة من الشباب العاشق لوطنه.
شاهدنا أحد هؤلاء وهو يتراجع عن قتل أحد الغزاة العراقيين بعد أن أخبره بأن لديه أبناء يريد أن يراهم، فطلب منه أن يحكى لأبنائه من هو الإنسان الكويتى. على الجانب الآخر هناك جندى عراقى حافظ على حياة أحد رجال المقاومة فى العراق ولم يش به.
الفيلم تناول أساسا روح التضحية والفداء، وتعمد السيناريو ألا يوثق الحدث بالتحرير ودحر الغزاة، لأن العمق الاستراتيجى للشريط ليس سرد التاريخ المعروف سلفا، بقدر ما هو تحليل المشاعر.
العلم الذى أُشير به لسرب الحمام فى بداية الفيلم هو العلم الكويتى الذى رفعه بطل الفيلم داوود حسين من فوق المنزل الذى صار رمزا للوطن، لم نر داوود وهو يتلقى ضربات رصاص، ولكننا شاهدنا فى اللقطة الأخيرة الشاشة بيضاء، كمعادل بصرى لصعود روحه للجنة.
امتلك المخرج القدرة على ضبط الإيقاع وأن يحيل المشاهد إلى طرف فاعل فى الحكاية، مشاهد تبادل الطلقات بين رجال المقاومة والغزاة غلب عليها الاستعجال فى التنفيذ، كانت بحاجة إلى خبير متخصص فى هذا النوع مثلما يحدث عالميا.
حظى بالمركز الثانى فيلم (عتيج) وهى تعنى (عتيق)، والمخرج أحمد الخلف قدم ثلاث حكايات متوازية تجمع بين الماضى والحاضر، وكأن الزمن مسبحة، وحل فيلم (الصحوة) ثالثا، وفيه يواجه المخرج محمد المجبيل الجماعات الإرهابية التى تتدثر عنوة بالدين ويقدم رسالة كيف يتم غسل مخ الشباب ليتحول إلى قنبلة موقوتة تدمر كل الحياة، إلا أن الشاب يفيق فى اللحظات الأخيرة ويساعد الأجهزة على ضرب جذور الإرهاب.
السينما الكويتية تسعى لكى تسترد مكانة حققتها فى الخليج منذ الستينيات، والدولة من خلال الدعم المادى الذى يرصده المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب تخلق مناخا صحيا لتحقيق هذا الهدف.
(المصري اليوم)