القنبلة السكانية وشيزوفرينيا السلفنة العميقة

أن يخرج علينا شيخ أزهرى وعضو لجنة فتوى سابق فيهاجم تنظيم الأسرة ويصفه بأنه مؤامرة يهودية فتلك كارثة، فى ظل كلام الرئيس عن الانفجار السكانى الذى يلتهم محاولات التنمية، ومانشيتات الجرائد التى تتحدث عن الإرهاب السكانى، يأتى هذا الشيخ الذى لا يعبر عن نفسه ولكنه يعبر عن تيار كاسح يضع العصا فى العجلة ويعرقل التقدم، لخبطة الغزل و«كعبشة» كرة الصوف صارت هواية لدينا، صوت ينادى «إلى الأمام سِرْ»، وصوت يهتف «للخلف دُر»، نور مستقبل منتظر أمام ظلام ماض سحيق، قانون أمام فتوى، حلم أمام كابوس، صار الوطن مثل مصارع مربوط بين جوادين كل منهما يعدو فى اتجاه، مشدوداً ما بين تيارين، أمامه مشاكل رهيبة يعالجها بالشقشقة اللغوية الفقهية والعنعنات التراثية، الطبقات المستورة والغنية قوام كل منها اثنان أو ثلاثة أولاد على الأكثر، أما الفقراء والمعوزون والمعدمون فهم خط إنتاج لقبائل من الأرانب وجحافل من النمل، اعتماداً على شعارهم المقدس «العيل بييجى برزقه»، ينفتح خزان الشارع ليستقبل أطفالاً جدداً يطحنهم بمطحنته ليخرج لنا ترامادولاً بشرياً ليس له ذنب إلا جهل الآباء، وينضم إلى طابور البلطجة والبطالة والنقمة والغضب والتشفى أفراد وجماعات هم عالة على مجتمعهم لا رافعة له، نظل ندور فى تلك الدائرة الجهنمية نتيجة أننا قد ارتضينا أن نعيش شيزوفرينيا الدولة الدينية المتسلفنة العميقة التى تجثم على أنفاس الدولة المدنية الحديثة، القنبلة السكانية تحرق الأخضر واليابس، ونسبة التخلف والأمراض الوراثية نتيجة زواج الأقارب صارت نسبة مرعبة، ومعامل الذكاء ينخفض وسط تعليم لا ينهض بك ويشل قدراتك، ثم تخرج بعد ذلك وتطالب بزيادة الخِلفة حتى تتباهى أمام الدول الأخرى الكافرة، تذكرت مثلاً كانت تردده جدتى قديماً فى دمياط ولم أفهم مغزاه إلا بعدما كبرت، كانت تقول «العقل زينة فى الباترينة»!، هكذا كانت تنطقه، بالفعل العقل لدينا صار مجرد ديكور يعرض فى الفاترينات.

 

التعليقات