سنة أولى سياحة!

لست مع الرأى القائل بأن السائح لا يحتاج إلى جهد من جانبنا، يدعوه للمجىء ويحرضه على تفضيل سوق السياحة عندنا، فهو سيأتى وحده رغم أن أسواقاً سياحية كثيرة فى المنطقة حولنا تغريه وتشده إليها!.

أصحاب هذا الرأى على قناعة بأن شهرة آثار بلادنا وشواطئها وشمسها تصل تلقائياً إلى السائح أياً كان مكانه، وتجعل من بلدنا وجهة سياحية مفضلة لديه.. وهو رأى يحتاج رغم وجاهته الظاهرة إلى مراجعة أساسية!.. والمراجعة سببها أن السياحة صارت صناعة من الصناعات الثقيلة فى العالم، وأصبحت لها قواعدها التى تعمل على أساسها، فتنجح وتجذب إلى عدد من الدول من حولنا أعداداً من السياح، تزيد أحياناً على عدد سكان الدولة نفسها!.

ولأنها صناعة، فإن لها تقاليد، وآداباً، وأعرافاً، وقد كانت إسبانيا أسبق الدول فى فهم هذا كله، وفى العمل به من أيام الجنرال فرانكو، فجاء إليها من السياح أعداد أكبر من عدد السكان، ثم كانت إمارة دبى هى التى سارت على طريق إسبانيا حتى وصلت!.

ولا تزال السياحة الناجحة فى حاجة إلى أن تبدأ وتنتهى عند ثلاث كلمات: تعليم.. تدريب.. ثم تسويق.. وجميعها تبدأ بحرف التاء، على طريقة الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الرى، الذى يتبنى فى وزارته خطة للعمل طويلة المدى، وتقوم على أربع كلمات تبدأ أيضاً بالحرف نفسه!.

أما التعليم فيعنى أن تكون السياحة مادة يدرسها كل طالب فى مراحل الدراسة الأولى، فينجح فيها ويسقط، وينشأ من صغره وهو عارف بأن السائح القادم إلى البلد ضيف يبحث عن خدمة، وأن طريقة التعامل معه فى كل مكان يذهب إليه هى أول خطوة فى تقديمه الخدمة التى ينتظرها ويدفع فلوسه فى سبيلها!.

وأما التدريب فهو إعادة إخضاع العاملين فى القطاع كله لعملية تدريبية ممتدة، نستطيع بها تعويض العناصر المُدربة التى هربت من القطاع فى ظروف ٢٥ يناير، وساعتها سيفهم كل عامل فى منشأة سياحية أن تقديم الخدمة للسائح عملية لها أصول وليست عشوائية، ولا هى تتم دون تدريب صارم يضعها فى أعلى مقام!.

وإذا ما انتهينا من التعليم، ومن التدريب، بدأ دور التسويق الذى يدعو السائح للمجىء، فإذا جاء مستجيباً للدعوة كانت الأجواء التى سيتحرك فيها تستقبله وهى جاهزة!.. وأظن أن الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، كانت تعى هذا وتعرفه تماماً، عندما سعت إلى الاتفاق مع الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، على أن تكون أخلاقيات السياحة مادة مقررة على طلاب التعليم الأساسى!.

اتفاق الوزيرين خطوة أولى جادة على طريق السياحة الطويل، وإطلاق مسابقة «سفير السياحة» بين طلاب الثانوى بداية صغيرة نحو هدف كبير!.

التعليقات