الوزير يضع يده!
كان الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قد أعلن أن حصيلة الضرائب عن العام المالى الأخير زادت ٩٦ مليار جنيه عن حصيلة العام السابق عليه، وكنت قد سألته فى هذا المكان سؤالين، أحدهما عما إذا كانت الزيادة ناتجة عن توسع فى حجم النشاط الاقتصادى، أم عن نشاط أكبر من جانب الوزارة فى التحصيل، وكان ثانيهما عن الطريقة التى يجرى بها توزيع هذه الحصيلة على وجوه الإنفاق العام!.
وقد تفضل الوزير معيط فأرسل خطاباً يجيب على التساؤلات، وهو قد وجدها فرصة مناسبة ليقدم للقارئ أشياء تبعث على الأمل، منها.. مثلاً.. أن دخل الخزانة العامة من قناة السويس كان فى العام المالى ٢٠١٨/ ٢٠١٩ هو الأعلى فى تاريخ القناة، وقد بلغ ٧٢ ملياراً و٢٠٠ مليون جنيه، بخلاف مصاريف تشغيلها وصيانتها، وتمويل توسعات فيها تدعم الاقتصاد القومى!.
ومما قاله أيضاً إن وزارته حريصة على استقرار السياسة الضريبية، وبالذات سعر الضريبة، لأن ذلك يشجع الاستثمار، ويزيد بالتالى من حصيلة الضريبة عاماً بعد عام!.
وقد كانت الزيادة التى اقتربت من المائة مليار راجعة إلى اتساع حجم النشاط الاقتصادى، وكان الدليل على ذلك أن مجلة الإيكونوميست وضعت مصر فى المرتبة الثالثة مؤخراً بعد الصين والهند، من حيث معدلات النمو الاقتصادى، ثم كانت راجعة بالدرجة نفسها إلى نشاط متزايد من الوزارة فى إحكام الرقابة على الأنشطة الاقتصادية، وفى مقاومة التهرب من الضريبة، وفى تحديث نظام الضرائب!.
ولأن الإنفاق العام على الصحة، والتعليم قبل الجامعى، والتعليم الجامعى، والبحث العلمى، هو التزام دستورى من جانب الدولة، بحكم مواد محددة فى الدستور، فقد زادت مخصصات الملفات الأربعة بنسب مختلفة يذكرها الدكتور معيط على وجه التحديد فى خطابه، ويشير إلى أن ذلك جزء من استراتيجية عامة هى استراتيجية ٢٠٣٠!.
وإذا كانت الزيادة جزءًا من هذه الاستراتيجية، فالأهم أنها جزء من التزام دستورى لا تملك الحكومة إلا أن تلتزم به، ولا تملك الإنفاق على الملفات الأربعة تحديداً، بأقل من النسب المحددة لها دستورياً.. بل إن الدستور يفرض عليها الارتفاع بنسب الإنفاق ذاتها لتصل بها إلى المعدلات العالمية!.
وقد كانت الدولة حريصة طوال السنوات الخمس الماضية على أن تتوازن فى خطواتها بين متطلبات الإصلاح الاقتصادى الذى يظل ضرورياً للنمو، وخلق فرص العمل، وبين تحقيق العدالة الاجتماعية، فزادت من الاعتمادات المخصصة لبرامج الحماية الاجتماعية!.
ويختم الرجل خطابه بما يشبه المعادلة التى تقول إن زيادة الإيرادات العامة للدولة- الضريبية وغير الضريبية- تقلل من عجز الموازنة العامة، وبالتالى من الاقتراض، وبالتالى من الدين!.
وتقديرى أنه يضع يده فى آخر كلمة فى الخطاب، على ما يؤرق الناس هذه الأيام، خشية أن يكون الدين الخارجى بالذات قد تجاوز الحد الآمن!.