ساعة تروح وساعة تيجى!!
كثير مما نراه عبر (الميديا) ينطبق عليه هذا المثل الشهير (هبلة ومسّكوها طبلة)، ولا أقصد طبعًا تأنيث الهبل، حيث إن المساواة فى هذه الحالة قائمة بين الجنسين، ولا أظن رجحان كفة على أخرى، الهَبل لا يعرف التصنيف الجنسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو العمرى، فهو بطبعه عابر لتلك المسافات ومخترق لكل الأنظمة، وبالمناسبة لا ينطبق عليه أيضا ما ردده حسن أتلة لإسماعيل يس فى مستشفى الأمراض العقلية (أنا عندى شعرة، ساعة تروح وساعة تيجى).. التجربة العملية أثبتت أن الشعرة دائما متوفرة 24 ساعة يوميا.
ألقِ فقط نظرة على ما نتابعه الآن عبر الإعلام من أقوال وأفعال، أخص بالذكر عددًا من مقدمى البرامج المَرْضىّ عنهم، هؤلاء هم تحديدا الذين يثيرون الأزمات ويشعلون النيران، معتقدين أنهم بهذا يهدئون النفوس ويطفئون الحرائق.
المأزق تستطيع أن تعثر عليه فى كلمة صارت هى العنوان و(الترمومتر) للقياس، واختيار من يحق له الحضور، وأعنى به الولاء المطلق مغمض العينين، هؤلاء ملتزمون حرفيا بما يعتقدون أن الدولة تريده، بل أكثر، يزايدون عادة على الدولة فى هذا الاتجاه، ولهذا نرى على الشاشات المصرية هذا النتاج الهزيل، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أغلب لقاءاته لإعلان عدم رضائه عما وصلنا إليه كإعلام غير قادر على مواكبة إيقاع الدولة أو إيقاع الإعلام الحديث.
هؤلاء مسموح لهم أن يقولوا كل ما يعنّ لهم، لديهم قناعة بأن الدولة ستغض الطرف عن كل شىء، وإن تحليل الـ(دى. إن. إيه) لا يعنيه سوى أن معدلات الولاء لديهم فى أقصى درجاتها.
شاهدنا مَن فتح النيران على دول عربية بيننا وبينها تاريخ وثقافة ونضال مشترك، رأينا من يسخر من لون أسمر ننتمى كلنا إليه، حتى بيض البشرة فى جيناتهم اللون الأسمر، تابعنا من يتعجب أن موريتانيا دولة عربية.. وأخيرا وليس آخرا، من يسخر من الأوزان الزائدة التى صارت فى العالم كله وليس فقط مصر تتجاوز المعدل، وهو أن الوزن المثالى يقل عن الطول 110 درجات.. بنظرة عين الطائر، أتصور أنه ربما فقط 20% من المصريين هم الذين ينطبق عليهم هذا التوصيف العلمى للوزن المثالى، أى أننا- أقصد الأغلبية- نستحق تلك النظرة المشوبة بالتعالى والازدراء، التى أطلقتها المذيعة على المصريين الذين تجاوزوا الوزن الذى هو بالضبط وزنها.
الدولة قطعًا مسؤولة عما وصل إليه حال الإعلام، لأنها تتدخل فى كل التفاصيل، تختار ليس فقط مقدمى البرامج، ولكن أيضا الضيوف والقضايا المسموح بتناولها، والمطلوب دائما هو ترديد نفس النغمة، والغريب أنهم حتى فى النغمة الواحدة لا يطبقون مبدأ التنوع، أى أنك تقول نفس الجملة ولكن بأسلوب مختلف، ضاق الأفق وتقلص سقف المسموح، صادروا حتى الخيال.
عشنا قبل سنوات فوضى إعلامية.. تلك حقيقة.. وتسللت أصوات نشاز، وتوافقت مصالح أيضا نشاز.. تلك أيضا حقيقة.. تدخُل الدولة فى لحظة فارقة كان له قطعًا ما يبرره، الجانب الآخر من الصورة هو أن الإعلام ينبغى ألا يفقد مرونته فى التعامل مع كل القضايا ومن مختلف الزوايا، فهو قوة مصر الناعمة، وأول أسلحة الأمن القومى للوطن، ومع الأسف فقدنا الكثير من الحضور العربى فضائيًّا، الذى كنا نحن رواده!!.
(المصري اليوم)