ابتسم وإلّا!
أشهر ابتسامة عرفها العالم، أقصد قطعا لوحة ليوناردو دافنشى (الموناليزا) التى حيرت الملايين ولا تزال، تشير أحدث دراسة إلى أنها وبنسبة كبيرة كانت مجبرة على أن تمثل دور المبتسمة.
ثلاثة علماء من بريطانيا وأمريكا وإيطاليا، طبقوا أحدث نظريات علم الأعصاب على اللوحة، وانتهوا إلى هذه النتيجة الصادمة لعشاق الجمال والحرية، قسموا الوجه شطرين فلم تتماثل الابتسامة، فقرر الأطباء بالإجماع، أنها اضطرت للإذعان!!.
تلك اللوحة، كانت وأظنها ستظل مثار دراسات متعددة، فهى الأكثر إثارة عبر التاريخ، بل إن البعض وصل إلى أبعد من ذلك، اعتبروا أن الصورة أساسًا لرجل، ولم يستبعدوا أن دافنشى كان يرسم دافنشى، اللوحة لامرأة منزوع شعر حاجبيها ورموشها، أى أنها تفتقد أسلحة نسائية فتاكة، ورغم ذلك لاتزال تقف فى مقدمة الصور المعبرة عن الأنوثة الفتاكة!!.
لماذا هى مجبرة؟ لم تشر أى دراسة تاريخية إلى انها كانت تعمل موديلا حتى تضطر للابتسام، ولا أتصور أمام كل مساحات الغموض التى اثارتها اللوحة عبر التاريخ، أننا سنحصل ببساطة على إجابة قاطعة.
دعونا نتأمل فعل الإجبار هل يؤدى بالضرورة إلى تقديم عمل مصنوع؟ عدد من الفنانين وقفوا مجبرين على خشبة المسرح، رغم أنهم كانوا يعيشون الأحزان إلا أنهم أضحكونا، مها أبوعوف بعد رحيل شقيقها عزت قدمت فى مدينة (جدة) المسرحية الكوميدية (3 أيام فى الساحل)، عادل إمام قبل نحو 20 عاما علم بوفاة والده، وهو يقف على خشبة المسرح فى بيروت، أكمل المسرحية، ثم بعد نهاية العرض نعى والده للجمهور، حسن حسنى ماتت ابنته وهو لم ينته من أداء مشاهده الأخيرة فى ثلاثة أفلام، أخذت مواعيد عرض فى العيد، وكان قلبه يبكى بينما هو يُكمل دوره لإضحاك الناس.
روى لى الموسيقار كمال الطويل أنه عام 1966، برغم أن هناك اتفاقًا منذ منتصف الخمسينيات بينه وعبدالحليم حافظ وثالثهما الشاعر صلاح جاهين، يقضى بتقديم أغنية مع كل عيد ثورة، إلا أن الطويل لاحظ فى اللقاءات الأخيرة بينهما أن عبدالحليم أثناء البروفات يتولى قيادة الفرقة الموسيقية وتوجيه العازفين متجاهلًا حضوره، وهو ما كان يفعله أيضا مع عبدالوهاب.
عندما اقترب موعد الاحتفال بالثورة، دعاه عبدالحليم للقائه، وأسمعه كلمات جاهين (صورة)، قال له كمال: (رائعة، تملك موسيقاها الداخلية، ولا تحتاج لملحن)، وأضاف: (إنه ليس فى مزاج فنى أو شخصى يؤهله لإنجاز اللحن)، وهنا ارتفع صوت رجل كان متواجدا فى الصالون يعلو صوته قائلا: (فيه حاجة اسمها التلحين بمزاج، الرئيس عبدالناصر منتظر اللحن، و23 يوليو لن ينتظركم).
الرجل يرتدى زيًا عسكريًا ويحمل رتبة لواء، لم تكن صور العسكريين تنشر فى الصحف، غادر الطويل بيت عبدالحليم، وقرر أن يسافر فى اليوم التالى خارج الحدود حتى يضع الجميع أمام الأمر الواقع.
فوجئ فى صالة المطار بأنه ممنوع من السفر، وأن الرجل الذى لم يعرفه لم يكن سوى شمس بدران، وزير الدفاع الأسبق، وهو الذى أصدر قرار المنع، ولم يجد أمامه سوى الامتثال للأمر ولحن (صورة).
حققت الأغنية نجاحًا ضخمًا، والتقاه بدران قائلا: (أومال لو عملت اللحن بمزاج، كان طلع أحسن من كده إزاى؟!)، يبدو أن للإذعان أيضا فوائد!.