ليس الوزير الحالى!
لم أكن أعرف أن اللواء أبوبكر الجندى، الرئيس الأشهر لجهاز الإحصاء، ثم وزير التنمية المحلية، يملك تجربة مفيدة فى ملف الثروة المعدنية.. ولكن الرسالة التى جاءتنى منه حول الملف، تقول إن عنده تجربة مباشرة فى الموضوع، وأن علينا أن نأخذ معانيها فى الاعتبار، ونحن نستعد لوضع هذه الثروة فى موقعها الصحيح على خريطة الاقتصاد الوطنى!
وكنت قد أشرت فى هذا المكان، صباح الأربعاء، الى أن المملكة السعودية على الجانب الآخر من البحر الأحمر، قد مسحت ثلث مساحتها مسحاً جيولوجياً شاملاً، وأنها قد خصصت ٢ مليار ريال لهذا الغرض، وأننا ربما نكون مدعوين الى إجراء مسح مماثل على أرضنا.. فالعائد الذى ننتظره من وراء مسح كهذا يساوى.. ولكن.. لأن مساحتنا نصف مساحة السعودية تقريباً، فالمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، سيكون فى حاجة إلى مليار جنيه تخصصها له الدولة، ليكون الهدف هو إجراء مسح جيولوجى شامل لثلث مساحة أرضنا، وفق جدول زمنى يضعه الرجل بحكم مسؤوليته، ويعلنه، ويمشى عليه!
الوزير الجندى يقول فى رسالته إن شركة عالمية للتنقيب عن الذهب جاءت يوماً للعمل فى مصر، وأنه كان على معرفة بأحد مسؤوليها، وأن هذا المسؤول جاءه ذات صباح يطلب المساعدة فى أشياء كانت الشركة فى حاجة شديدة إليها لمواصلة عملها!.. كان ذلك فى فترة ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، وكانت مطالب الشركة مشروعة جداً، وواضحة جداً، قياساً على انخفاض حاد فى أسعار الذهب عالمياً وقتها!
ولم يستجب أحد لمطالب الشركة، ولا حتى لمطلب واحد منها، رغم مشروعيتها ووضوحها، وعندما وصل الأمر إلى وزير البترول.. ولم يكن الوزير الحالى طبعاً.. فإنه عجز تماماً عن فعل شىء، ليس لأنه لم يكن يريد فعل شىء، ولكن لأن قواعد بالية كانت تحكمه، وكان غير قادر على تجاوزها أو القفز فوقها!
ولا بد أن هذه الفقرة من الرسالة تطرح السؤال الآتى: هل لاتزال تلك القواعد البالية تقف فى طريق المهندس الملا وتمنعه من الحركة فى هذا الملف؟!
ولا تذكر الرسالة بالطبع ماذا حدث بعدها من جانب الشركة، ولكن السياق يوحى بأنها لـمْلمت أوراقها وأدواتها وقررت الرحيل الى بلد آخر!
هذا عن الذهب.. فماذا عن الفوسفات مثلاً؟!.. يدعو الوزير الجندى إلى الحرص على تصنيع ثروتنا المعدنية على أرضنا، وفى المقدمة منها الفوسفات، بدلاً من تصديرها فى صورة مواد خام.. فتصنيعها سوف يجعل منها قيمة مضافة إلى اقتصادنا الوطنى، فضلاً عما سوف يوفره من فرص عمل نحتاجها أشد الحاجة.. فرص عمل توفرها أى عملية تصنيعية بالضرورة!
هذه هى الرسالة.. وهذه هى دروسها!