العيب فى الذات (النقابية)!
أى تجاوز لفظى يتفوه به إنسان يجب أن يخضع فورًا للمساءلة القانونية، هذه هى القاعدة التى يجب أن نرسخها وندافع عنها ونحميها، خاصة فى زمن (السوشيال ميديا)، بعد أن ارتفع منسوب الشتائم، صار هناك تطبيع مع البذاءة، التعامل معها بقدر من التساهل يمنحها مشروعية وقبولًا مجتمعيًا.
وهكذا، فأنا مع نقيب الموسيقيين هانى شاكر، عندما قرر إحالة مطرب المهرجانات عمر كمال للتحقيق، لأنه فى بث مباشر على صفحته من أمريكا، تناوله بشىء من السخرية، ردًا على سؤال من أحد متابعيه عندما استفزه بكلمات تحمل إهانة له، دافع عن نفسه متعرضًا لهانى شاكر.
واضح من السياق أن الأمر يدخل فى إطار الفعل ورد الفعل، ولا يوجد تعمد مسبق، إلا أن هذا لا يبرر الخطأ.
سارعت النقابة باتخاذ اللازم، وأول سلاح تشهره كالعادة هو الإيقاف عن الغناء، ويبقى السؤال: هل تم الإجراء بكل هذه السرعة وتلك الصرامة لأنه تعرض مباشرة للنقيب، لو كلمات المطرب تناولت موسيقيًا آخر، هل ستتحرك النقابة بكل هذه السرعة وتلك القسوة؟
إجابتى هى قطعًا لا، وسوف تكتشف على الفور أن القانون (يعرف زينب).
إنها العبارة الشهيرة لفؤاد المهندس قبل 60 عامًا فى مسرحية (أنا وهو وهى)، حيث كان يعمل محاميًا وأراد التدليل على أن العدالة معصوبة العينين، قائلًا: (القانون ما فيهوش زينب).
يجب أن نفرق بين قيمة الأغنية أو المطرب وبين حقوقه كإنسان، أنا لست من مستمعى (المهرجانات) وذائقتى ترتاح لزمن مختلف وأصوات أخرى، مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز ونجاة وفايزة وحليم وشادية ووردة وأصالة وعمرو ومنير وحماقى ونانسى وأنغام وشيرين وكاظم وعبدالمجيد وعلامة وآمال وغيرهم، ورغم ذلك أتابع المهرجانات ولا أُجرّم أو أحرّم ما يقدمونه، إلا فى حالة التجاوز اللفظى، حيث لا يوجد تأثيم للتجاوز النغمى، فلا توجد فى الدنيا نغمة (قليلة الأدب).
لو تابعنا كم الكلمات البذيئة التى تناولت مطربى المهرجانات من عدد لا يُستهان به من الموسيقيين، لأصبح من الواجب مطالبة النقابة بإقرار العدالة وإبعاد (زينب) من المعادلة تمامًا.
لدى البعض نظرة كلها استعلاء وازدراء لمطربى المهرجانات، مثل نظرتهم لعربات (التوك توك)، وهناك من يصفهم بالصراصير، متجاهلًا أن من يتعامل مع هذه السيارات وهؤلاء المطربين ملايين من أهالينا.
عندما تفرض على إنسان، من أجل لقمة العيش، أن يغير اسمه، فهو سيفعلها مرغمًا، وهذا الأمر يخاصم تمامًا العدالة.
كثيرًا ما نقرأ استجداء مطرب على (الميديا)، لأنه لا يجد علاجًا، وآخر يعلن أن حذاء نقيب الموسيقيين وأعضاء مجلس النقابة على رأسه، كل ذلك حتى يسمح لهم بالتنفس.
النقابة تعتقد أن المصادرة هى الحل، لإنعاش الغناء الرصين، ولم نرها أبدًا وهى تقدم لنا تلك الرصانة التى يتشدقون بها.
يصدّرون للإعلام أن هناك مؤامرة للقضاء على الغناء المصرى، بحجة أن هؤلاء المطربين مطلوبون بالاسم فى العديد من الدول الخليجية والمغرب العربى وأوروبا وأمريكا، هل يصدق أحد هذه المؤامرة الكونية المزعومة؟
ما أطالب به النقابة هو المضى قدمًا فى التحقيق وإنزال العقاب بكل من يتجاوز، على شرط ألا ينحسر دور النقابة فى حماية الذات النقابية، بل تمتد مظلة الحماية للجميع، مطربى المهرجانات وراكبى (التوك توك)!.