حياة فايزة حسن المثيرة جزء من تاريخ مصر الاجتماعى
هذا كتاب بالإنجليزية عن قصة حياة مذهلة لفايزة حسن لشجاعتها الفائقة التى تمنعنى من ترجمة كل شىء، لكنها سيرة ذاتية رائعة عن تاريخ مصر الاجتماعى بين الحقبتين الليبرالية والناصرية والأثر الذى طال طبقات الأغنياء والأجانب المتمصرين. عاشت فايزة طفولتها وفترة المراهقة فى الفترة الليبرالية قبل 1952 وشبابها فى الفترة الناصرية. الكتاب صادر عن مصر المحروسة منذ فترة غير محددة.
تقول فايزة إنها تنتمى إلى طبقة غنية لها وضع اجتماعى متميز. ولدت عام 1938 ولم يكن الأب سعيدا بولادة بنت، حيث إنه كانت له ثلاث بنات من زوجة أولى. ثم وضعت الأم أخا ثم أختا، وكان الأب سعيدا بولادة الابن وأخفى الأمر خوفا من الحسد. وكانت جدتها لأمها تعيش معهم وترعاهم مع المربية. لم يكن الأب يهتم بها وهى طفلة وكانت المربية الألمانية لأخيها كريم تقول لمربيتها اليونانية إن الأب غير مهتم بفايزة.
كانت تسكن فى فيلا كبيرة بحديقة فى الدقى اشتراها الأب عام 1935. وكان هناك مكان للطباخ والسائق والجناينى وحجرة للمربية، وكانت بنات الأب من زوجته الإيطالية التى تقول المؤلفة إنهم من «بيئة واطية»، حسب الترجمة الحرفية، والتى تركته وهربت مع جارسون سويسرى أصغر منها بعشرين عاما، وكانت البنات «على حل شعرهم» يخرجن ويسهرن ويأتى لهن شبان فى البيت وتزوجن وطلقن عدة مرات، وسافرن مع شبان إلى أوروبا وعدن واكتفى الأب بعضوية البرلمان ولم يسع للعمل العام بسبب سمعة بناته.
كان أبوها أكبر من أمها بأكثر من 20 عاما، لكن الوسامة والثروة الواسعة والوضع الاجتماعى جذب الأم.
جدة فايزة لأمها نمساوية وتزوجت عجوزا غنيا ووضعت ابنتها والدة فايزة ثم قامت الحرب العالمية فهربت إلى سويسرا حيث عاشت أيام الحرب فى ظروف صعبة. ثم وصلها ميراث من زوجها وقابلت أميرا مصريا وطلب منها الزواج، فذهبت إلى مصر لتكتشف أنه متزوج وعنده أطفال. فصرفت النظر وقررت أن تعيش فى مصر، وسرق أموالها نصاب، ثم استأجرت شقة فى شارع سليمان باشا وحولتها إلى بنسيون شيك للأغنياء ونجح نجاحا باهرا.
وكانت العائلة تقضى إجازة الصيف كل عام فى لوزان بسويسرا فى لوكاندة شهيرة يقابلون الملوك والأمراء السابقين فى أوروبا والباشوات المصريين.
تحكى فايزة عن هنية الدادة المصرية الأمية التى تحكى لها بشغف عن المظاهرات فى الشوارع وغضب الشعب وعن الإخوان المسلمين وحسن البنا. وحرب فلسطين وإعلان دولة إسرائيل والغضب من الملك. وبدأ الغليان الشعبى وحدثت حركة الضباط فى 1952 وأثناء الحراك السياسى عام 1954 تكلم الأب بحرية يطالب بالديمقراطية، وأنه غير موافق على استبدال حكم الملك، ولكن لم يحدث له شىء بالرغم من المحاكمات التى طالت الكثير من زملائه وأصدقائه.
عائلة الأب كانت فقيرة من بنى سويف. والد فايزة ذهب إلى القاهرة وتعلم ثم سافر إلى فرنسا وأصبح محاميا شديد الثراء. أصيب والد فايزة بالدرن وأخذ العلاج فى مصر وفى أوروبا، لكن طبيب مصر أعطاه الدواء الجديد تحت التجربة وتم شفاؤه. كانت العائلة فى سويسرا للتصييف يوم 23 يوليو 1952 وتتذكر فايزة الأحداث السابقة وتذكر حريق القاهرة. وفى صيف 1954 أنهت السنة الأولى فى البكالوريا الفرنسية فى مدرسة الليسيه.
وتأثرت العائلة بقانون الإصلاح الزراعى أولا ثم انخفاض الثروة، والنفوذ. وتحكى عن عبدالناصر بعد إزاحة محمد نجيب. وكان رأيها سلبيا فى عبدالناصر. وفى مدرستها تم القبض على مدرس فرنسى بتهمة الشيوعية، وعرفت أن أعدادا من الطلبة فى الجامعة قبض عليهم فى مظاهرات 1954.
علاقة فايزة بأمها وأبيها لم تكن جيدة، وفى الصيف سافرت العائلة إلى النمسا لأنها أرخص وقابلت شابا إيطاليا كانت تخرج معه، وفى الصيف التالى سافرت العائلة إلى سويسرا، لأن الأم رفضت التصييف فى النمسا. تحدثت عن التضييق على الناس فى الحريات، والتصنت على التليفونات والقبض على البعض.
وأثناء وجودهم فى سويسرا، أمم عبدالناصر القناة وقرر الأب العودة فورا إلى مصر قبل نشوب الحرب التى بدأت بعد عودتهم إلى مصر بهجوم بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأغلقت كلية الحقوق الفرنسية وأسقط فى يد الطلبة. وعاد المدرسون الأجانب إلى بلادهم وامتلأت قاعات المزادات بالمسافرين يبيعون متعلقاتهم. وفى يناير 1957 التحقت فايزة بالجامعة الأمريكية لدراسة الاقتصاد، وبدأت تقابل مجموعة من الأصحاب اليونانيين والأرمن واليهود، يعملون فى وظائف مختلفة بعد الدراسة الثانوية واعتبرتهم أحسن من زملائها فى الجامعة الأمريكية الذين يأخذون مصروفا من العائلة.
وتحكى بالتفصيل كيف فقدت عذريتها مع شاب يونانى ثم صادقت زميلا لها فى الجامعة الأمريكية، وبعد علاقة حب جيدة تركته وتعرفت عن طريق أختها غير الشقيقة على الحياة الليلية والسهر والشرب ورحلات الصحراء وبدأت تتعرف على شبان آخرين فى الإسكندرية.
قابلت هنرى فى الإسكندرية، وكان أكبر منها بحوالى 20 عاما، ورفضت أن تذهب معه إلى البيت. وفى اليوم التالى اتصل بها وقابلها فى المطعم وأخرج علبة وخاتم الخطوبة ووضعه فى إصبعها، وكان العريس يعمل خبير مبيعات وأمه تعيش بجواره وأخوه الخالى شغل وغير المتزوج يعيش معه، ولأنه مسيحى من أصول شامية فكيف يتم الزواج. وأصبحا يتقابلان فى عطلة نهاية الأسبوع فى القاهرة أو الإسكندرية وفجأة ماتت أمه وذهبت للعزاء ضد رغبة أمها. وتحكى قصة تغيير الدين حتى تم الزواج بين كاثوليكى ومسلمة. ثم مشكلة العذرية وفوجئت بأن أخاه يعيش معهم فى الشقة، وأن زوجها يخرج للعمل ثم للنادى ليلعب الجولف ثم البوكر فى المساء، وكانت الحياه صعبة، ثم انتقلوا للقاهرة وعاشوا فى فيلا العائلة فى الدقى ووضعت ابنتها الكبيرة فى القاهرة واستمر هنرى يلعب الجولف والبوكر، وبذلوا مجهودا كبيرا حتى حصلوا على فيزا خروج ودخول أستراليا، وغادروا فى السفينة يوم 31/12/1967، وهنا تنتهى السيرة الذاتية فى الكتاب.
بذلت مجهودا لأتعرف على فايزة حسن وما حدث لها بعد السفر إلى أستراليا مع زوجها وابنتها. وبعد التقصى علمت أن ابنتها هى الدكتورة باسكال غزالة، الأستاذة بالجامعة الأمريكية، واتصلت بها ورحبت بالمكالمة، وقالت إنها ولدت فى أستراليا وعادت العائلة إلى مصر عام 1976 وشبت البنتان فى القاهرة وهاجرت الأخت إلى أمريكا والتحقت فايزة بجريدة الأهرام ويكلى لتعمل من عام 1990 حتى 2002، ثم تركت العمل غاضبة من تصرفات حدثت معها. وعاشت الأسرة فى المعادى، وتوفى زوج فايزة عام 1990 ورحلت هى عام 2009. وبعد حوار مع د. باسكال قررت أن تكمل مذكرات أمها. حقيقة كتاب رائع وتاريخ مجهول لشريحة من المصريين.
قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك.
** عن المصري اليوم..