"رقصة الكارثة".. حكاية "لقاء حميم بين مجرتين" خلال اصطدام سحابة ماجلان بدرب التبانة
أكملت مؤخرًا سحابة ماجلان الكبرى احتكاكها الوثيق مع مجرتنا درب التبانة، في اصطدام وصفه علماء الفيزياء باللقاء الحميم بين المجرتين، والذي أدى إلى تأثير كبير على الهالة الغازية التي تغطي السحابة العملاقة.
ويصنف العلماء سحابة ماجلان الكبرى على أنها مجرة قزمة، تزين هالتها المهيبة، التي تم تقديرها بـ20 ضعف حجم قطر القمر المكتمل، وبفضل تليسكوب هابل، وفقًا لموقع إرث، اكتشف العلماء قصة الاصطدام التي وصفوها بالدرامية.
واقترح بعض علماء الفيزياء الفلكية، في دراسة منشورة بمجلة The Astrophysical أن سحابة ماجلان الكبرى لا تدور حول مجرتنا، بل هي ببساطة تمر عبر جوارنا الكوني، وأكملت مؤخرًا احتكاكها الوثيق بمجرة درب التبانة.
وفي إنجاز مهم، تمكن علماء الفلك من قياس هالة سحابة ماجلان لأول مرة، استنادًا إلى ملاحظات من تلسكوب هابل، حيث تبين أنها صغيرة بشكلٍ لافتٍ ويبلغ عرضها 50 ألف سنة ضوئية فقط؛ مما جعلها أصغر بنحو عشر مرات من هالات المجرات الأخرى ذات الكتلة المماثلة.
ويمثل تماسك هذه الهالة انعكاسًا صامتًا للقاء ماجلان الكبرى الأخير مع مجرة درب التبانة، حيث كشفت الدراسة أن السحابة نجت من كارثة الاصطدام، الذي أدى إلى إزالة الكثير من الهالة الغازية التي كانت ترتديها ذات يوم.
ويرجع سبب تجريد سحابة ماجلان الكبرى من معظم هالتها إلى ظاهرة الضغط الناتج عن الصدمة، وبحسب سابنا ميشرا، المؤلفة الرئيسية للدراسة، فإن الغلاف الجوي الكثيف لمجرة درب التبانة يصد سحابة ماجلان الكبرى القادمة، ما يخلق موجة من الغاز تتبع المجرة القزمة مثل ذيل المذنب.
أما تأثير ذلك الاصطدام على مجرة درب التبانة، فيرى العلماء أنها دفعت بقوة شديدة إلى الوراء، وتسبب الضغط الناجم عن الصدمة في تجريد مجرتنا من معظم كتلة الهالة الأصلية لسحابة ماجلان الكبرى، بعد الرقصة الكارثية بين المجرتين، على حد وصفهم.
وأوضح أندرو فوكس، الباحث الرئيسي من وكالة الفضاء الأوروبية في بالتيمور، ومقره معهد علوم تلسكوب الفضاء الأمريكي، أنه على الرغم من أن مجرة ماجلان القزمة فقدت الكثير من غازها، إلا أنها ما زالت تملك ما يكفي من الغاز لمواصلة تكوين نجوم جديدة.
ويعد حفاظ سحابة ماجلان الكبرى على جزء صغير مضغوط من هالتها السابقة، إنجازًا لم يكن بوسعها تحقيقه، لو كانت أقل من كتلتها الحالية، التي لا تزيد عن 10% من كتلة مجرة درب التبانة، ورغم تصنيفها كمجرة قزمة إلا أنها لا تزال أكثر ضخامة من معظم المجرات القزمة.
وفي المستقبل يستعد فريق البحث للتحقيق في الجانب الأمامي من هالة سحابة ماجلان الكبرى، وهي منطقة لم يتم استكشافها حتى الآن، حيث من المنتظر أن يعملوا على فحص خمسة خطوط رؤية في المنطقة التي تصطدم فيها هالة سحابة ماجلان الكبرى وهالة مجرة درب التبانة مثل بالونين يدفعان بعضهما البعض.
وتقدم سحابة ماجلان الكبرى مختبرًا فريدًا للفيزياء الفلكية، بفضل كتلتها وقربها من مجرة درب التبانة، فهي تسمح للعلماء بفهم ديناميكيات المجرات في العصور المبكرة من الكون، عندما كانت المجرات متقاربة، كما أنها تذكر وفقًا للباحثين بأن عملية تفاعل المجرتين ليست بسيطة بل عبارة عن رقصة جامحة وفوضوية من القوى الكونية.