الإنسان من الواقع الإفتراضي إلى .. الحقيقي
تذهب التكنولوجيا في الفضاء الرقمي بعيدًا بالإنسان حتى صارت حياته كلها تذهب إلى العالم الإفتراضي غير الحقيقي، وهو ما يجعله في أزمة نفسية بين متطلبات النفس الإنسانية الطبيعية، وبين الفضاء الرقمي المتسارع الخطى بنحو غير مسبوق، حتى رأينا أن التطرف صارت له مساحات في هذا الفضاء لكي يعبر المتطرف عن احتياجاته في عالم غير واقعي، فكما أن هؤلاء يرون الإسلام دينًا غير متحقق على الأرض فإنهم يفترضون وجود مجتمع للملائكة والعدالة المطلقة يُقاد من حاكم يحقق هذا كله، فيذهب هؤلاء للقتال في صفوف داعش وغيرها آملين تحقيق هذا العالم الإفتراضي على الأرض.
لذا فإن لدينا أزمة حقيقية بين حقيقة الإنسان وطبيعته، وتزايد عيشه في الفضاء الرقمي يومًا بعد يوم وانفصاله عن الواقع، وتدخل هذا الفضاء الرقمي في تفاصيل حياته الدقيقة، إلى حد يجعل ممن يدركون حقيقة هذا الإنفصال الذهاب إلى الطبيعة مرة أخرى للعيش معها كأناس طبيعيين في الصحراء أو الغابات أو القرى النائية، يفصلون أنفسهم عن الهواتف المحمولة وشبكات الإنترنت، وينعزلون عن عالمهم، فيستردون صحتهم النفسية وطبيعتهم الإنسانية مرة أخرى، من هنا نستطيع أن نستوعب هجرة المزيد من الشباب المسلم من العالم الإفتراضي إلى البحث عن الحقيقة على الأرض فلا يجدونها، فيصبحون أكثر شراسة مع الواقع الحقيقي، هنا يجري السؤال حول طبيعة المادة المتاحة من الثقافة الإسلامية على شبكة الإنترنت وهل تجيب على تاسؤلات هؤلاء الشباب وتناسب لغة عصرهم، هذا كله ما تطرحه هذه الورقة في محاولة للإجابة على تساؤلات صعبة.