التاء المربوطة والإعلام البديل

-1-

في الوقت الذي انشغل فيه بعض النواب برفض تجريم ختان الإناث، وارتفعت أصواتهم لتصم الآذان مطالبة بتوقيع كشف العذرية على الطالبات في المعاهد والجامعات، أطلق المجلس القومى للمرأة حملة إعلامية، لدعم وتمكين المرأة المصرية، في جميع القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تحت عنوان «التاء المربوطة.. سر قوتك»، بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وحكومة السويد.

-2-

وفى إطار هذه الحملة أعلنت جامعة أسيوط، في 12 أكتوبر 2016، عن انطلاق حملة (التاء المربوطة.. سر قوتك)، لدعم المرأة ضد التحرش، بهدف توعية الفتيات وتثقيفهن بكيفية التصرف في حال تعرضهن للتحرش، ورفعت الحملة شعار: «ما تخليش التاء مربوطة تربطك»، ودعت الفتيات إلى كسر كل الحواجز التي تقابلهن، قائلة: «خليكى متعلمة، ناجحة، طموحة، مستقلة، إيجابية، مسؤولة، قوية، حرة لأن الـ(ة) #‏سر_قوتك».

ولقد كانت جامعة القاهرة الأولى- بقيادة د جابر نصار- على مستوى الجامعات المصرية في إنشاء وحدة مناهضة التحرش والعنف ضد المرأة في عام 2014، وتشرف عليها لجنة عليا تختص بوضع السياسات، ولجنة أخرى تشرف على تنفيذ السياسات بالتنسيق مع ممثلين عن اللجنة بكليات الجامعة المختلفة ممن تلقوا تدريبا نفسيا وقانونيا للتعامل مع الشكاوى الخاصة بالتحرش في المجتمع الجامعى، ثم تبعتها جامعة عين شمس في مايو 2015، ووقّع الدكتور حسين عيسى، رئيس الجامعة «بروتوكول تعاون» مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لإنشاء وحدة مكافحة التحرش تحت شعار «مش في جامعتنا» بدعم من الوكالة السويدية للتعاون الدولى.

-3-

هذه المبادرات الهامة سوف تشجع جامعات أخرى لتتخذ النهج نفسه لمكافحة التحرش والعنف، اللذين يعدّان من أبشع أشكال التمييز في مصر التي تأتى في المرتبة 136 بين 145 دولة في سلم المساواة بين الجنسين، لذلك كان من أهداف التنمية المستدامة لمصر 2030، وضع حد للفجوة بين الجنسين في جميع المجالات، فهذه السياسات وغيرها ستشكل ثقافة جديدة في القيم الثقافية والخطابات والعلاقات الاجتماعية والسياسية، مع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف التي أطلقها المجلس القومى للمرأة العام الماضى والتى شاركت فيها مؤسسات ووزارات الدولة المختلفة.

وستضع مسمارا في نعش المعتقدات والممارسات الذكورية والأصولية التي تقتات من حقوق النساء.

-4-

ومن الطبيعى أن يكون الرجال فاعلين في مناهضة التمييز والعنف ضد المرأة، فهم يشكلون النسبة الأكبر من صانعى القرار على المستوى الوطنى والمجتمع المحلى والعائلة والفرد، ليصبح لهم دور كبير في ضمان القضاء على أشكال التمييز كافة، ويجب اعتبار الرجال جزءا من الحل وليس فقط جزءا من المشكلة.

لذلك يجب تعميم ثقافة عدم التمييز بين الذكور والإناث على السواء، وتوعيتهم منذ الصغر في موضوع الحقوق الإنسانية للمرأة ومفاهيم المساواة والإنصاف.

-5-

وتبقى الصور النمطية التي تضخها الآلة الإعلامية والمؤسسات التعليمية من الفكر الذكورى والأصولى، وذلك هو الأخطر، لأن تلك الصورة تعمل على إشاعة ثقافة التمييز والعنف وترسيخها في القواعد الاجتماعية، وتعمل على استبعاد وتهميش النساء والفتيات، لذلك يجب خلق إعلام بديل يعمل على مناهضة هذا التنميط، ويجب إلغاء جميع القوانين التي تميز ضد المرأة والإسراع في إصدار تشريعات تجرم جميع أنواع العنف، ووضع آليات تنفيذ سريعة وناجعة وتخصيص الموارد والميزانيات اللازمة لذلك، والعمل على إنشاء مفوضية مناهضة التمييز كاستحقاق دستورى، وتقديم الدعم الكافى للنساء، ضحايا العنف، وبطرق لائقة تحفظ كرامتهن وتعزز وصولهن الفعال إلى العدالة.

** نقلا عن المصري اليوم

التعليقات