الغضب المكتوم!

نكذب إن لم نقلها.. هناك غضب مكتوم فى أوساط المستثمرين ورجال الصناعة.. هناك غضب مكتوم فى أوساط المزارعين والفلاحين.. هناك غضب مكتوم فى الشارع.. ومن أجل ذلك حاولت، على مدى أيام، أن أتبنى حملة لإعادة فتح المصانع المغلقة وتشغيلها.. كنتُ أحاول أن أضىء شمعة.. تلقيت رسائل عديدة من أصحاب المصانع.. مصانع متوقفة وتدفع أقساط القروض، وأخرى دخلت فى النفق المظلم!

وأختار مما تلقيته، صرخة من الدكتور نادر بطرس، فقد قدم ملفاً خاصاً عن شركة «إيفا للنسيج والصباغة».. وهذه أول مرة أكتب عن حالات بعينها.. فى الغالب أكتب عن القضايا العامة.. الأمر الآن مختلف.. قرأت الملف وتفحصتُ الصور.. نبذة عن الشركة وتاريخها وأصولها وموقفها الحالى.. شىء محزن أن تتوقف هذه الشركة الضخمة.. ذات يوم زارها الرئيس مبارك وعاطف صدقى، رئيس الوزراء!

والواضح أنها من الشركات الكبرى فى مجالها، ويبدو أنها تعثرت بعد الثورة نظراً للظروف السياسية والأمنية، ويبدو أنها دخلت فى دوامة القضاء بين الإدارة والعاملين، وتم الحجز على ممتلكات الشركة.. مأساة ما بعدها مأساة.. هذه الشركة وغيرها كما قلنا تحتاج دفعة بسيطة لتعمل من جديد.. ومن مطالعتى للأوراق رأيت أن الإدارة «حفيت» كى تحصل على تمويل لإعادة «تشغيل الشركة» مرة أخرى!

ولمَن يهمه الأمر فعلاً، أوراق هذه الشركة وغيرها موجودة.. والعلاج بسيط.. صحيح أن الأزمة كانت كبيرة، لكن من السهل دخولها من جديد مجال الإنتاج.. الملف يصل إلى 50 صفحة.. عرفت منه أن الشريك البريطانى أفلس، أو اضطر لخسارة 6 ملايين جنيه.. كما تم قطع الغاز والكهرباء عن الشركة.. وكانت هناك إضرابات عمالية انتهت بالحجز عليها، وبيع ماكيناتها بـ«المزاد العلنى» للأسف!

أعتقد أن الأصول تسمح بأن تنهض هذه الشركات مرة أخرى.. الدكتور نادر بطرس يطرح عدة حلول، منها سداد مستحقات الجهات السيادية، الضرائب أو الجمارك، أو مطالبات رسوم الخدمات، أو التأمينات الاجتماعية أو البنوك أو الكهرباء والغاز والمياه.. فقط مطلوب مراجعتها وجدولة سدادها وإعطاء أمد مناسب للسداد، وبدون غرامات أو فوائد تأخير، فضلاً عن سداد مستحقات العاملين، ومديونيات الشركات الموردة!

وقِسْ على هذا جميع الشركات المتعثرة.. فالأصول قائمة، والماكينات، والأفكار، والحلول.. لا ينقصنا أى شىء.. ولكننا لا نفعل أى شىء.. معمول لنا عمل سفلى.. بلاش، عارف ماذا ينقصنا؟.. تنقصنا الإرادة، وتنقصنا الإدارة.. وتنقصنا اللامركزية، وينقصنا الضمير الوطنى.. حرام أن تكون هذه المصانع متوقفة لسبب أو لآخر.. شغّلوها من أجل أبنائنا.. ادخلوا معهم شركاء و«عوّموها» لتنتج!

وبالتأكيد فإن هذه الشركة كاشفة لطبيعة المأساة.. فلماذا نترك هذه المصانع بلا تشغيل؟.. ماذا نفعل بتريليونات فى البنوك بلا توظيف؟.. ماذا فعل وزير الصناعة طارق قابيل؟.. وماذا فعل وزراء الصناعة منذ 2011 حتى الآن؟.. هل يفرج عنها الرئيس السيسى؟ هل تكون مبادرة السيسى فى «عام الحسم»؟.. افتحوا أبواب الأمل!

التعليقات