رسالة من «مجمع البحوث الإسلامية»

فى البداية نود أن نشكر د. درية شرف الدين على نقدها ووجهة نظرها المحترمة حول التوعية فى المترو حيث أشارت إلى ما تفعله بعض المنتقبات فى العربات المخصصة للسيدات فى المترو من الاعتداء على الحرية الشخصية للفتيات والسيدات غير المنتقبات ومحاولات قص شعورهن بالمقص على حد ما أوردته الكاتبة فى مقالها المعنون بـ «زوايا التطرف بعربات المترو» فى المصرى اليوم بتاريخ 2017/5/30م، وما ذكرته فى مقالها بنفس الجريدة فى 2017/6/20م تحت عنوان «فتاوى مترو الأنفاق».

حيث أشارت إلى انزعاجها من عملية توعية المواطنين فى محطات المترو حيث ذكرت أنها منزعجة من وجود إذاعة دينية داخل مترو الأنفاق، وذكرت: «أن الأمر غريب وعجيب فلم أتصور حدوثه»، وذكرت: «إن دهشتها قد زادت لأنها لم تر ولم تسمع أبداً عن مترو الأنفاق فى أى مكان من العالم قد أطلق إذاعة دينية ولأن راكب المترو ليس لديه وقت ولا قدرة على التركيز حتى يسمع درساً دينياً».

ثم تعيب الكاتبة على شركة المترو فى تعاونها مع الأزهر الشريف فى هذا المجال، وفى الرد على ما ذكرته الكاتبة نقول: كيف تتم مواجهة هذا النوع من التطرف والتعصب الذى تمت الإشارة إليه فى المقالين، هل يتم تصحيح المفاهيم الخاطئة من قبل المتخصصين أو تترك الساحة للجهلاء وأدعياء الدين ليشوهوا صورة الإسلام وينفروا الناس منها؟!

إن ما يقوم به مجمع البحوث الإسلامية من توعية وتنوير للناس يأتى فى إطار جهود الأزهر الشريف فى مواجهة الغلو والتطرف وإيمان الأزهر بأن الفكر لا يواجه إلا بالفكر.

ولم تكن هناك إذاعة دينية فى أنفاق المترو وإنما هى رسائل قصيرة ومركزة مدتها لا تتعدى (15) دقيقة حول القيم الإنسانية التى يحتاج إليها الإنسان، مهما كانت ديانته، أليست الرحمة والمحبة وقيمة العمل والإنتاج والمروءة والشهامة والتكافل وجبر الخاطر وحقوق الجار من القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان؟ هل هذا يسبب الانزعاج والهلع؟

هل توعية الناس بأهمية استعادة منظومة القيم الأخلاقية المهجورة فى حياتهم تعد سبباً فى الدهشة والانزعاج والدعوة لحشد رأى عام مضاد لهذا النشاط التنويرى الذى يدعم جهود الدولة فى مواجهة الغلو والتعصب والإرهاب والتطرف.

إن ما يقوم به مجمع البحوث هو نوع من مواجهة الفكر المتطرف والمنحرف بأسلوب غير تقليدى ليس درساً دينياً (كما ذُكر) وإنما رسائل سريعة تحمى المواطن من شر تلك التيارات المتطرفة.

إن اللجان المصغرة للفتوى فى بعض محطات المترو جاءت من باب التيسير على المواطن المهموم الذى ليس لديه وقت للذهاب للجنة الفتوى بالجامع الأزهر ودار الإفتاء، للسؤال عن أى مسألة تتعلق بحياته، كما أن فكرة هذه اللجان جاءت تلبية لاحتياجات المواطنين ولقطع الطريق على أدعياء الفتوى الذين يقتلون ويفجرون ويكفرون باسم الدين، فهل حماية المواطن من أدعياء الدين والمتطرفين تسبب الانزعاج!!

أليست مصر فى حالة حرب ضد الإرهاب والتطرف؟ مما يستوجب بذل جميع الجهود الرامية لتصحيح الفكر المغلوط ولترسيخ ثقافة المواطنة وبيان أهمية التدين السلوكى بعيداً عن التدين الشكلى الذى اكتوينا بنيران الجهل الذى يقف ورائه، إن هذه الجهود المبذولة لا شك أنه سينتفع بها وستؤثر إيجابياً حتى لو بكلمة قد تكون سبباً فى مراجعة الإنسان لمواقفه، إننا نؤمن بدورنا الوطنى الذى يوجب علينا الذهاب للمواطن فى كل مكان فى المدن، فى القرى والنجوع والتواصل معه بالأسلوب المناسب لأجل تصحيح المفاهيم المغلوطة ودعم استقرار الوطن.

وفى الختام تحية تقدير لرئيس شركة المترو على رؤيته الثاقبة والتعاون المستمر مع الأزهر الشريف من أجل تقديم هذه الخدمة النوعية التى تعمل على توعية المواطن وتحصينه ضد التطرف والإرهاب.

أ.د/ محيى الدين عفيفى أحمد

أمين عام مجمع البحوث الإسلامية

بالأزهر الشريف

تعقيب

اطلعت على رد أ. د.محيى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، تعليقاً على مقالين لى تم نشرهما بـ«المصرى اليوم» خلال شهر رمضان أنتقد فيهما إدارة مترو الأنفاق بالقاهرة التى وافقت على طلب مجمع البحوث الإسلامية ببث إذاعة دينية طوال العام فى محطات المترو وعلى تجهيز مقر دائم لأحد الوعاظ للرد على الاستفسارات والأسئلة الدينية للركاب. كما أنتقدها لتقاعسها عن حماية غير المحجبات من المسلمات والمسيحيات اللاتى يتعرضن لهجوم مباغت ومتكرر من منتقبات بعربة السيدات لقص شعورهن ومنعهن من الجلوس بالمقاعد الخالية.

ووجدت- من وجهة نظرى - التى لاقت استحساناً كبيراً من الكثيرين وأيدهم فى ذلك د.أسامة الغزالى فى مقال له بجريدة الأهرام، وجدت أن الدروس والفتاوى الدينية ليس محلهما المناسب مترو الأنفاق الذى يهرول فيه الناس وسط الزحام للحاق بالمترو غير منتبهين أو متابعين أو مستوعبين لما يذاع.

كما وجدت- من وجهة نظرى أيضاً- أن تعيين أحد الشيوخ للإفتاء فى محطة مترو لا يليق بمهمته فى شرح أمور الدين ولا بالجهة التى يمثلها وهى الأزهر الشريف، وقد زرت معظم محطات المترو فى أنحاء العالم، فلم أجد فى واحدة منها إذاعة دينية أو رجل دين يقوم بالإفتاء على قارعة المحطات، وجدت فقط تعليمات صوتية مسجلة لضمان سلامة الركاب وإعلامهم بمواعيد قيام ووصول القطارات. وجدت اهتماماً ونظافة ونظاماً ومنظومة أمن وكاميرات مراقبة وتلك هى مهمة إدارة المترو وليس غيرها.

وفى رده أورد د.محيى الدين العديد من الأسئلة الاستهجانية لى متوقعاً أن إجابتى عليها ستكون بالنفى، ولو أنه قد دقق فى كلماتى لوجدنى أشاركه الرأى، فهو يسأل: هل نترك الساحة للجهلاء ليشوهوا صورة الدين؟ هل من الخطأ أن نحاول استعادة منظومة القيم المهجورة؟ هل حماية المواطن من أدعياء الدين المتطرفين ليست واجبة؟ وأجيبه عنها وعن أمثالها بمائة نعم ونعم، ولكن الاعتراض ليس على الرسالة ولكن على مكانها وتوقيتها وضياعها وسط ضجيج العابرين عبر محطات المترو وعلى تحويل محطاته إلى ما يشبه ساحة المساجد، والمترو ليس بمسجد ولا يجب له أن يكون وإن لم نعترض فربما وصل هذا التقليد الغريب إلى مطار القاهرة ومحطة مصر للقطارات وموقف أتوبيس الأقاليم، فهل هذا يجوز؟

- لكننى وبكل الاحترام لشخصه وللهيئة التى يمثلها وبكل الثقة فيما أكتب عن قناعة تامة أرفض اتهام د. محيى الدين لى بأننى كما يقول: «أسعى لحشد رأى عام لهذا النشاط التنويرى الذى يدعم جهود الدولة فى مواجهة الغلو والتعصب والإرهاب والتطرف» وهو اتهام واسع فضفاض قد يمر مرور الكرام وقد يدخلنى فى دائرة تهييج وتجييش وتأليب الرأى العام أو الإساءة للدين الحنيف ومعارضة جهود الأزهر أو مخالفة توجه الدولة وأهدافها. وكلها اتهامات فضفاضة قد تنتهى ببلاغ منه ضدى للنائب العام، فهل هذا يجوز؟ أين مقارعة الحجة بالحجة؟ وأين المنطق فيما يريده وفيما أطرحه؟!

- وفى النهاية أشكر السيد د.محيى الدين عفيفى وأعيد توجيه نفس رسالتى لمدير مترو الأنفاق وللسيد وزير النقل.

التعليقات