أكشاك الفتوى وفلسفة «سلّم نفسك والغ عقلك»

(1)

فى كشك الفتاوى ثلاثة من مشايخ الأزهر يتواجدون يومياً فى محطة المترو من العاشرة صباحاً وحتى الثامنة مساءً للاستماع لمشاكل المواطنين فى أمورهم الحياتية وإعطائهم النصيحة، وكيف يستطيعون التعامل فى هذا الموقف ويحميهم من المتطرفين والوقوع فى براثن الإرهاب، هكذا صرح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، هل هذا هو الإصلاح الدينى الذى يتبناه الأزهر؟! وكيف نطمئن لنوعية الأفكار التى يتم طرحها وللمحتوى الذى يقدم، خصوصا أن شيوخ الأزهر الذين سيقدمون الفتاوى ينقلون العلم القديم كما هو؟، فمناهج الأزهر التى تعلموها تحوى فتيل الكراهية، ففقه الأئمة الأربعة الذى يتم تدريسه يبيح قتل المرتد والزنديق وتارك الصلاة، ويحض على قتل الآخر غير المسلم واحتقار المرأة وبث العنصرية، ويؤكد على فرض الجزية على النصارى، بالإضافة إلى أن أساتذتهم فى الأزهر كفّروا إسلام بحيرى، ومنهم من وصف عقيدة المسيحيين بـ«الفاسدة»، فكيف يكون حال التلاميذ القائمين على أكشاك الفتاوى، والذين تتلمذوا على أفكار ابن تيمية الذى يلقبونه بشيخ الإسلام، والذى تنز فتاواه بالكراهية والعنصرية والتكفير، ألا يتبع أساتذة الأزهر وتلاميذه نفس منهج الوهابيين عندما يتهمون أى أحد يتكلم فى الدين غيرهم بالجهل، وأنه يسعى لهدم الدين، فكلاهما يحتكر الإسلام؟.

(2)

هذه الأكشاك ما هى إلا ترسيخ للهوس الدينى وإلغاء عقل المواطن تماما، لأنهم يوهمونه بوجوب الاعتماد على الفتاوى فى كل شؤون حياته الكبيرة والصغيرة، متجاهلين أن الفضاء العام متخم بالقنوات الفضائية الدينية، فلا توجد قناة فضائية خالية من برنامج دينى على رأسه داعية من الشيوخ يجيب على أسئلة الجمهور، ويعظهم وينهرهم فى معظم الأحيان.

(3)

هل كتب علينا أن نغرق فى مستنقع السلفية؟! هل كتب علينا أن نخرج من «طغيان فكرى» أو «استعباد عقلى» إلى آخره فى صورة مقننة؟! هذه الأكشاك هى تكريس لفلسفة «سلم نفسك والغ عقلك وخد الفتوى من الشيخ ونفذ». حتى لو اختلفت الفتوى من كشك لآخر فربما يكون المقصود أن يلف المواطن كعب داير على الأكشاك ليحصل على بركة أكثر من شيخ، لسنا فى حاجة لفتاوى لصد الفكر المتطرف ومحاربة الإرهاب نحن بحاجة لوقف الفتاوى التى يتفوه بها الأزهريون من تكفير للآخر غير المسلم، نحن بحاجة لنسف المناهج الأزهرية التى تدرس منذ ألف سنة والتى تكرس العنصرية والتكفير.

(4)

لا يوجد أمامنا لمواجهة الإرهاب إلا مقاومة من يقومون ببث الفكر الإرهابى مثل ياسر البرهامى نائب مجلس إدارة الدعوة السلفية الذى أصدر عشرات الفتاوى ضد الأقباط وغيره من شيوخ الزوايا والفضائيات الدينية السلفية، إن محاربة الفكر المتطرف والإرهاب تواجه بنشر الثقافة والفن والوعى والتفكير العلمى وتطوير المنظومة التعليمية وإنتاج المعرفة والثقافة المتحضرة، والالتزام بأسس وأركان الدولة المدنية، وليس بترسيخ مبدأ العنصرية وإلغاء مبدأ المواطنة، والتعامل على أن مصر ومحطات المترو للمسلمين فقط.

اجعلوا محطات المترو واجهة ومنارة ثقافية وحضارية لمصر، تساهم دار الأوبرا ومسارح الدولة والهيئة العامة للكتاب، ومعاهد وكليات الفنون والموسيقى وجامعات مصر فى تقديم الفن والثقافة والفلسفة فى محطاته المختلفة، احترموا العقل والوجدان المصرى بالجمال والحب لا بالكراهية والعنصرية.

 

التعليقات