صرخة طبيبة!

لا تملك أن تتماسك أمام دموع امرأة..

ولا تملك أن تتجاهل صرخة طبيبة.

لاحقتنى طبيبة صديقة برسائل عديدة، استنجدت بى أن أكتب عن نقص الأدوية فى مصر.. لكنها قبل ذلك قالت: «انشغالنا فى السياسة سوف يقعد بنا عن التنمية، وسوف يجعلنا ننسى أولويات فى حياتنا، مثل الصحة والتعليم».. طالبتنى بأن أجعل يوماً فى الأسبوع لخدمات الناس.. قالت إن نقص الأدوية وارتفاع أسعارها يهددان حياة الملايين.. وطالبت الحكومة بتوفير أقراص «مستينون» لعلاج الوهن العضلى!

وقبل أن أكتب، بحثت عن هذا العلاج، فوجدت منه شكاوى كثيرة.. شباب كثيرون يضيعون.. يموتون أمام أعيننا.. لا أعرف من المسؤول عن نقص الأدوية؟.. هل هو غياب الرؤية، كما يقول نقيب الصيادلة محيى عبيد فى مناسبات كثيرة؟.. هل «انفراد» وزير الصحة بالقرارات؟.. هل هى أزمة الدولار؟.. صاحبة الاستغاثة قالت: كان فى مصر قبل 25 يناير منتج محلى ينقذ المرضى، لا أدرى أين ذهب الآن؟!

ولم أكن أعرف دواء «مستينون» قبل رسائل الطبيبة الصديقة.. ولم أكن أعرف فيم يستخدم، ولا أى الحالات التى تستخدم هذه الأقراص؟.. ولكننى حين قرأت شرح دواعى الاستعمال، شعرت بخطورة نقص هذا الدواء.. وقد وصفت الطبيبة المرض بأنه لا يقل عن «فيروس سى».. وقالت إن لديها الأمل أن توليه الحكومة اهتمامها، كما اهتمت بعلاج «فيروس سى».. فلعل وزير الصحة «يسمع» أناتها!

وأتساءل: أين البرلمان من أزمة نقص الأدوية؟.. فلم نسمع عن طلب إحاطة أو استجواب.. أو حتى أسئلة أو بيانات عاجلة.. كيف يحدث هذا؟.. استخدموا أدوات البرلمان.. راقبوا أعمال الحكومة.. بلاش.. ساعدوها أن تضع يدها على نقاط الضعف.. ليس بخصوص دواء «مستينون» فقط، ولكن بخصوص نقص أدوية الغسيل الكلوى والقلب أيضاً.. أيها النواب قوموا بدوركم الذى «وضعه» الشعب فى أعناقكم!

وللأسف، فى كل مرة أدخل الصيدلية لأشترى دواء أجد سعره مختلفاً.. وحتى حين تشترى ماكينة حلاقة تجد سعرها تضاعف مرات.. فهل أصبحت السوق بلا رقابة؟.. أين أجهزة الرقابة التى تسد عين الشمس؟.. وحين تتحدث مع الصيدلى يقول لك «الجمارك».. يعنى إيه؟.. فمن يحكم هذا الانفلات؟.. أين التفتيش على الصيدليات؟.. كيف يختلف سعر السلعة «الواحدة» من صيدلية لأخرى؟.. ما هذه الفوضى؟!

بلاشك، هناك فوضى حقيقية فى الأسواق.. من أول سوق الخضار إلى سوق الدواء.. ومن أول رغيف الخبز إلى أدوية الضغط والقلب والوهن العضلى.. فما هذا؟.. الرئيس تحدث عن سوق الخضار، قال: كيف يكون الكيلو على أرضه بجنيه، ثم يباع بالشىء الفلانى؟.. فكيف لو تحدث الرئيس عن سوق الدواء؟.. نرجو أن تولى الدولة اهتمامها للأدوية، كما تولى اهتمامها للخضار، فالأكل والدواء يرتبطان معاً!

وأخيراً، نقص الأدوية لا يقل عن نقص السلع الأساسية.. وملاحقة من يتلاعبون فى الرغيف لا تقل عن ملاحقة من يتلاعبون فى الأدوية.. إنها قضية أمن دولة.. التسعير على المزاج جريمة كبرى.. وفوضى الأسواق مأساة.. ألا تحتاج قضية نقص الأدوية إلى لجنة تقصى حقائق، على غرار القمح؟.. أين أنت يا دكتور عبدالعال؟!

التعليقات