عمران خان.. زعيم جديد فى آسيا

(1)

باكستان.. اسمٌ ساطعٌ على امتداد العالم الإسلامى.. هى الدولة الإسلامية الوحيدة التى تمتلك القنبلة النووية.. لكنَّ باكستان السَّاطعة هى أيضًا باكستان الغامضة. هى مساحةٌ مجهولة التفاصيل.. وحتى كبار المتخصصين لا يمكنهم إبهار القراء أو المشاهدين. إن مائتى مليون نسمة فى باكستان.. هم مائتا مليون من المتغيرات والتشابكات والتفاصيل.

ثمّة من يرون أن مستقبل الإسلام يكمن فى باكستان، وأن حرب التطرف والإرهاب تتعلق مصيرها فى العالم.. بمصيرها فى باكستان. وثمّة من يرون أن باكستان هى الاحتياطى الاستراتيجى العسكرى للأمة الإسلامية.. وأن القنبلة الباكستانية هى قنبلة نووية إسلامية.. وهناك من يرون.. أن القنبلة النووية لا دين لها، وأن باكستان نفسها ستظل مشغولةً بباكستان، وأنها قد لا تجد اليوم ولا غدًا.. ولا فى أىّ وقت دقائق من وقتها تعطيها للآخرين. بل إن هناك من يرون أننا إزاء خريف باكستان.. وأن الدولة التى ولدت عام 1947 قد لا تعمر كثيرًا. وقبل أعوام نشر الكاتب الباكستانى راشد أحمد كتابًا مروِّعًا يتحدث عن نهاية باكستان.. وكان عنوانه الصادم كافيا لبثِّ الخوف والقلق: «باكسان على وشك السقوط».

(2)

بينما باكستان تقيم نموذجًا ديمقراطيًا عائليًّا.. تبادل السلطة بطريق الانتخابات الحرة المباشرة بين عائلتين: «بوتو» و«شريف».. باسم حزبيْن: «الشعب» و«الرابطة».. جاء عام 2018 بجديد غير مسبوق فى تاريخ باكستان منذ تأسيسها قبل سبعين عامًا.

إنّه فوز لاعب الكريكيت الباكستانى الأشهر «عمران خان» بزعامة باكستان. جاء «عمران خان» من خارج العائلات ومن خارج الإقطاع السياسى.. ولكنه جاء من إقطاعية أهمّ هى فى تقديرى - أقوى إقطاعية فى زمن العولمة.. وهى إقطاعيّة الشهرة.

لم يأتِ عمران خان من الفراغ.. فقد درس الاقتصاد فى جامعة أكسفورد.. وأسس مشروعات خيرية ثم أسس حركة سياسية.. ثم خاض انتخابات وراء الأخرى حتى فاز. ولكن الأصل فى الصعود هو «النجوميّة الرياضية» العامية التى نجح فى تحويلها إلى نجوميّة سياسية.

(3)

حصد الرئيس النجم «عمران خان» من المقاعد ما يفوق الحزبيْن الكبيريْن مجتمعيْن. إنّنا لسنا إزاء رئيس وزراء جديد فى إسلام أباد.. إنّنا إزاء زعيم جديد فى آسيا، وتحتاج مراكز الدراسات أن تبدأ بحثًا كبيرًا بعنوان «الفكر السياسى والاجتماعى عند عمران خان».. ما الذى يوجد خلف الشهرة؟

يتحدّث نقّاد «عمران خان» عن انفتاحه الأخلاقى الذى ينافى الثقافة الإسلامية الباكستانية.. وهو ما ظهر فى أجزاء من حملته الانتخابية التى بالغت فى الانفتاح.. حتى بدتْ كأنها تدور فى أوساط اليسار الأوروبى.

كما يتحدّث نقّاده عن الزوجة الأولى «اليهودية» وعن اتهام رجل الدين الباكستانى «مولانا فضل الرحمن» رئيس جمعية علماء الإسلام لعمران خان.. بأنه يدير أجندة يهودية.

ينتقد أنصار «عمران خان» نقّاده وخصومه.. فالزوجة اليهودية أسلمت، واتهامات الأجندة اليهودية لا تتسق مع تصريحات «خان» حول أن إسرائيل هى من تشعل الفتنة بين السعودية وإيران.. وتصريحات بعض كبار مستشاريه من أن الولاء لأمريكا هو خيانة لباكستان.

(4)

إن عمران خان السنّى المذهب فى بلدٍ شهد آلاف القتلى فى أعمال العنف الطائفية بين السنة والشيعة.. يتحدث عن ضرورة التعامل «البراجماتى» مع أمريكا.. وعن الشروع فى بناء خط أنابيب «إيران - باكستان» ذلك أن الغاز الإيرانى الذى تحتاجه باكستان هو أرخص وأسهل من استيراد الغاز المسال على النحو القائم الآن. وهنا يتحدث عمران خان عن إمكانية الوساطة الباكستانية بين إيران والسعودية.

إن السؤال الآن: هل انتهت أحلام الزعيم الآسيوى الجديد بالوصول إلى حكم باكستان؟.. ربما لا تكون الإجابة نعم. وربما يحلم عمران خان بتتويج مسيرته المحظوظة.

يمكن لعمران خان.. التمهيد لتسوية شاملة لقضية كشمير.. يمكنه أن يتجرأ على الحل، ويمكنه أن يضع نهاية لعقود طويلة من الاستنزاف، خلال الحرب الباردة مع نيودلهى. وهنا يمكن أن يتقاسم الزعيمان.. الهندى «مودى» والباكستانى «خان» جائزة نوبل للسلام.

** عن المصري اليوم

 

التعليقات