من هم الذين يحرقون بيوت المسيحيين ؟ " الحقيقة المؤلمة "
الجماهير التي انطلقت لتحطيم وحرق بيوت وممتلكات أقباط قرية دمشاو هاشم بالمنيا بكل حماس لمجرد علمهم باقامة صلاة في أحد البيوت ورعبهم وفزعهم من أن يتحول هذا البيت الي كنيسة ، هم نفس الجماهير المأنتخة الكسولة التي تعاني من البطالة حتي ولو أبواب الرزق مفتوحة ، وينامون نصف يومهم ويستعدون للنوم في النصف الثاني ، هي نفس الجماهير التي تتناول الترامادول وتبلبع أدوية الكحة وتحرق الاستروكس ، هي نفس الجماهير التي لو طلبت من أحدهم مليماً تبرعاً لبناء وحدة صحية أو تجديد مدرسة يرفض أو يدعي الصمم ، أما عندما تدعو واحداً منهم لبناء مسجد في قرية بها عشرون مسجداً آخر يقتطع من أرضه عن طيب خاطر قراريطاً ويدفع نصف ثمن المحصول بكل الرضا والحبور من أجل بنائه ، يرضي أن يجلس ابنه علي بلاط الفصل في المدرسة التي بدون نوافذ أو يوافق علي أن تلقي زوجته في ممرات المستشفي بجانب دورات المياه لتعلق المحلول أو تتناول الدواء ، بحجة أنه يدفع ويتبرع لبيت ربنا لكنه لايدفع ولايتبرع لبيت بني آدم !، المواطن القابل للاشتعال بمجرد رؤية صليب أو سماع ترنيمة ، والقابل للاشتغال من خطيب جمعه محرض أو داعية تليفزيوني مكفر ، الكل يشعلونه ويشتغلونه ، انه نفس المواطن المتآلف مع أطنان جبال القمامة أمام منزله ، المتعايش مع محيطات وبرك طرنشات الافرازات الآدمية والحيوانية التي تتسلل من أسفل باب بيته والذي أحياناً بلاباب أو سقف ، لكنه لايتآلف ولايتعايش ولاتحتمل أعصابه المرهفة الحساسة همس صلاة جاره القبطي ، يحتمل تلوث قماين الطوب ودخان حرق القش وأتربة وطين شوارع ضيقة خانقة بدون أسفلت ، يطنش عن سرقة سواق التوكتوك له ، ويهمل دجل من يفك له الأعمال ومن تقرأ له الطالع ومن يخدعونه بعلاج عقم زوجته بالأوراد والأذكار والقطنة المبللة والتبرك بالمساخيط !، ويتغافل عن البقال الذي يغش في الميزان ويزيف تواريخ الصلاحية والجزار الذي يبيعه لحم الحمير النافقة والفكهاني الذي يسرقه عيني عينك بالحمضان والعفن والمسوس !، لكنه غضنفر تظهر أنيابه ومخالبه وتنتفض شعيرات لحيته فقط عند علمه عن فلان عن فلان عن علان عن ترتان أن هناك مسيحياً أثناء حلمه تفوه بكلمة كنيسة !، هو نفس المواطن الذي يقترض بالربا ويتسول بالالحاح حتي يمنح كل تحويشة العمر للسمسار الذي سيشحنه في قارب خربان ليتركه في عرض البحر مع مائة حالم آخر بالذهاب الي الشاطئ الآخر حيث الدول الصليبية الكافرة !!، وحين يصل بعد أن ألقي بجثث زملائه الحالمين للأسماك محتفظاً ومتشبثاً بحقيبته التي بها خرقه وهلاهيله ، يبدأ في الصياح والصراخ مطالباً باعانة البطالة وبناء مسجد ووضع ميكروفون والصلاة في عرض الشارع ونهر الطريق ! ، لكن المدهش أنه لايجرؤ هناك في تلك الدول الكافرة علي مجرد النظر بامتعاض الي باب كنيسة ليلاً بل يطلب العمل فيها نقاشاً أو نجاراً أو حتي جامع قمامة مادام اليورو يتكلم والاسترليني يتعطف !، لاتسألوني عن عدد الهمج المتظاهرين الذين حطموا منازل أقباط دمشاو ولكن اسألوني عن الثقافة الطائفية المجتمعية التي أفرزتهم ، لا تسألوني عن خسائر أهل القرية بعد التكسير والتخريب والحرق ، لكن اسألوني عن خسائر الوطن وانكسار القلوب وحرق مساحات التفاؤل التي سكنت القلوب بعد تعيين سيدة قبطية في منصب المحافظ ، معركة الدولة المدنية طويلة ، ووأد الفتنة الطائفية يحتاج أمناً ثقافياً لا أمناً مركزياً فقط ، ولابد أن نعرف أن وظيفة الحكومات ليست ادخال مواطنيها الي فسيح الجنات وانما الي صحيح وسعيد الحيوات ، ولابد من تفعيل القانون لا العرف ، ويجب علينا أن نكف عن استخدام عبارة اشتباكات طائفية لنستخدم عبارة جرائم جنائية ، وبدلاً من انشغال برلماننا بقانون اهانة الرموز، واندماج اعلامنا في مناقشات سيارات وأغنيات محمد رمضان، واجتهاد رجال ديننا في توضيح أن الصوت الاسكندراني الصادر عن الأنف احتجاجاً هو من قبيل الكبائر ، بدلاً من كل تلك الحماقات فلنحتشد لبناء الدولة المدنية بجد ، وتفعيل المواطنة بحق وحقيقي ، وهجر مصطلحات تجاوزها الزمن مثلما تجاوز عبودية الرق والاماء ، مصطلحات الولاء والبراء والجزية والذمي والكافر ....الخ ، ولنتبني شعار " فلتعبد حجراً أنت حر ولكن لاتقذفني به".