(صوفيا)... تغتصب رجلاً!!

الطوابير الممتدة أمام دور العرض فى مشهد بديع، أتمنى أن أرى حتى نصفها فى مهرجان القاهرة، الذى يُفتتح يوم 20 نوفمبر، هذا المشهد يؤكد أن الشعب التونسى العاشق للفن لا يمكن أن يصبح شعبا متعصبا لفريق كروى، أو أنه معرض لكى يخلط الأمور، بين تقديره لمصر والمصريين، وتشجيعه لفريق بلده التونسى، الفن بطبعه يسمح بهامش من المرونة، فهو يراهن على الجمال، أيا ما كان موقعه، وكما رأيت الجمهور التونسى يتدافع لمشاهدة فيلم مغربى وآخر سنغالى، وثالث مصرى، رافعا شعار (لا شىء يقف أمام الأجمل)، فهو يشجع اللقطة الحلوة بعيدا عن تحديد الهوية مثلما سيُشجع اللعبة الحلوة بعيدا عن لون الفانلة، قد يرى البعض أن الفن والكرة ميدانان متعارضان، وهما كذلك من الناحية الشكلية، إلا أن الحقيقة هى أن 80% من الجمهور فى الحالتين شباب، وإيرادات شباك التذاكر فى الأفلام تتأثر سلبا عندما تتعارض مع موعد مباراة كُرة.

أتابع حالة التوجس الإعلامى التى يرددها البعض عن ترقب حدوث مشاحنات يوم الجمعة القادم بين مصر وتونس فى المباراة التى تذكرنا بتلك الصفحة السوداء التى طويناها بعد معركة (أم درمان) بين مصر والجزائر، أنا ليس لدى أى قدر من التخوف، حيث يتبادل الوفد المصرى النكات مع الأصدقاء التوانسة عن المباراة القادمة والسؤال من يصعد الأهلى أم الترجى لا يتجاوز المزاح؟، ورغم ذلك لو حدث وانفلتت كلمة يجب ألا ينجرف أى منا وراءها، الشعب التونسى كان ولا يزال فى قلب المصريين مثلما المصرى فى تونس محمل دائما بمشاعر دافئة.

■ ■

نكتفى بهذا القدر لننتقل إلى السينما، وإليكم أول فيلم عُرض فى المسابقة الروائية الطويلة (صوفيا) للمخرجة مريم بن مبارك، شاهدت الفيلم فى مهرجان (كان) قسم (نظرة ما) وحصل على جائزة السيناريو، هناك من يحلل الشريط بعجالة باعتباره يدعو للسماح بممارسة الجنس قبل الزواج، خاصة أن القانون المغربى يدين من تفعل ذلك وتنجب بالسجن لمدة قد تصل لعام، ويمنح الأم 24 ساعة فقط، لكى تكتب اسم الأب أو تتعرض للمساءلة القانونية.

وهكذا كان الزمن السينمائى يشكل قيدا على بطلة الفيلم وعلى الجمهور، حتى تسارع خلال تلك المدة الزمنية لإيجاد أب للطفل لغياب الأب الحقيقى.

الشاب الفقير سيقبل تلك المقايضة من أجل حفنة دنانير، يتم كل شىء ويحدد موعد الزفاف، ويشارك الجميع فى الكذبة، الكل يرقص ويغنى طبقا للطقس المغربى، حيث يستقل العروسان الهودج المحمول.

الإحساس بالفضيحة لا يشكل الهم الأكبر، ولكنه الخوف من العقاب، الاحتفاء بالطفلة القادمة للحياة بدون أب معترف به لا يعنى الكثير طالما هناك مأذون شرعى يجب توافره وورق تم اعتماده.

المجتمع يعلم أن هناك جريمة قانونية، وهذا هو المستوى الثانى لقراءة الفيلم، إلا أنه مستعد للتواطؤ، الأسرة الصغيرة والدائرة الأوسع المجتمع، الفيلم لا ينحاز للمرأة ويقدمها بالطريقة التقليدية كضحية تم اغتصابها وحملت سفاحا، بل على العكس، هى اختارت الرجل فى الحالتين، من حملت منه فى الطفلة ومن اختارته كأب صورى، «صوفيا» يدين تواطؤ المجتمع، النساء قبل الرجال!!.

(المصري اليوم)

التعليقات