فى مهرجان القاهرة عبرنا الهزيمة ولكننا نستحق الأفضل!

الكاتب المحترف يدرك تماما أن المشهد الختامى هو الذروة، فيوجه كل طاقته من أجل أن يصل إلى تلك الومضة السحرية، كلما كانت المقدمات موحية ازداد ترقبنا لنقطة النهاية، كيف فات ذلك على كاتب السيناريو المحترف محمد حفظى؟ لم يتبق فى (الميديا) بعد كل ما شاهدناه فى حفل الختام الفقير والخجول شكلا وموضوعا سوى فستان رانيا يوسف، أقصد المايوه، بعد أن ضل طريقه وتوجه بدلا من (حمام السباحة) إلى (الريد كاربت).

منذ الوهلة الأولى تكتشف أن هناك شيئا منكسرا ومنسحبا وباهتا، وربما يقولون لم يحضر النجوم، هل بذلت إدارة المهرجان جهدا حقيقيا لتحقيق ذلك؟ أشك، عدد من النجوم اتصلوا بى حريصين على الحضور، إنها التفاصيل التى يسكنها غالبا الشيطان.

المسرح لم تجر عليه بروفات كافية، مثلا السلام الوطنى أذيع مرتين، الواقفون على خشبة المسرح، من أعضاء لجان التحكيم، متعثرون،، أيضا صعودهم فى تتابع يتكرر حرفيا أشعرنا بالملل، كان ينبغى البحث عن حلول إخراجية لكسر الجمود، الذى صنع حاجزا جليديا، عانى منه الحاضرون فى الأوبرا، وأمام شاشات التليفزيون، ولم ينقذه بالصدفة سوى الناقد البلغارى، بوجيدار مانوف عضو التحكيم فى لجنة (الفيبرسى) الذى تسلم جائزة ليست له فأثار قدرا من الطرافة، حتى النجوم الذين استعان بهم مخرج الحفل لتقديم الجوائز لم يكن لديهم حضور بل قدر لا يُنكر من الانصراف!!.

كلمة محمود حميدة فى البداية والتى كان ممسكا فيها بالورقة أفقدها حيويتها، تحيته لحفظى قطعا مستحقة، إلا أنها ليس مجالها أبدا منصة ختام مهرجان يرأسه «حفظى».

لماذا لم يضف القائمون على الحفل لمسات خاصة مثلما يحدث عالميا؟ توجه مثلا رسالة تحية لفن العرائس الذى يعود للفراعنة والذى اعتبرته اليونسكو مؤخرا فنا قابلا للانقراض! كان من الممكن أن يوجه المهرجان لمحة من خلال المزج على خشبة المسرح بين عمر الشريف وهو يغنى فى فيلم الأراجوز (أرى جوز) وبين محمود شكوكو أشهر من قدم ذلك ثم نرى جزءا مثلا من الليلة الكبيرة وعرضا سريعا (لايف) سيثير قطعا البهجة، مثلا لماذا لم يفكر أحدهم فى أن الفتاة السوداء الجميلة (بسملة) التى صارت فى لحظات حديث العالم تقدم مثلا جائزة أحسن ممثلة، وهى رسالة أخرى هامة تنعشنا؟ كل المهرجانات لا تكف عن توجيه مثل هذه الرسائل.

إنها مجرد اقتراحات سريعة ربما ليست هى الأفضل، إلا أنها مؤكد بعيدة عن الصندوق الذى استعانوا من أجله بحفظى أساسا للخروج منه.

إلغاء جائزة الجمهور، قبل إعلانها بساعات قلائل، يستحق توضيحا أكثر من مجرد كلمة أخطأنا، الجائزة يمنحها أكبر المهرجانات فى العالم ونحن لسنا فى (كى جى وان)، الكل صار فى مرمى المسؤولية، هناك ملابسات أشارت فى البداية إلى توقع حدوث خطأ، مثل اختيار أفلام بعينها للعرض فى القاعة الكبرى، وهذا يتيح لها فرصا أكبر للحصول على جائزة الجمهور، مما يتنافى مع مبدأ العدالة.

جائزة مثل صندوق الأمم المتحدة للشباب وحقوق الإنسان لم نقرأها فى اللائحة كيف قفزت وبدون مقدمات؟ فيلم (ورد مسموم) قطعا يستحقها ولا شك، كما أنها تحمل دلالة إيجابية، ولكن فى كل الدنيا تعلن وتحدد كل الجوائز والجهات المانحة فى (الكتالوج) ويعرف الجميع شروطها أولا قبل انطلاق الفعاليات، هذا كما يقول علماء اللغة (غيض من فيض).

فى كل الأحوال الجوائز تستحق مقالا قادما، كان غريبا بالنسبة لى تتويج الفيلم التونسى (فتوى) فى (قرطاج) بجائزة الأفضل (التانيت الذهبى) وتكرار ذلك بعد أسبوعين فى (القاهرة) أفضل فيلم عربى، على الجانب الآخر سعدت بجائزة فيلم (ليلة الاثنى عشر عاما) إخراج الفارو بريخنر الذى مثل أوروجواى والأرجنتين وإسبانيا فهو جدير بالهرم، والهرم جدير به، ونُكمل غدا!!

 

التعليقات