السائق والتباع والعربة الذكية
لا أعرف لماذا وأنا أقرأ إعلان شركتى «أوبر» و«كريم»، عن دخولهما سوق النقل الجماعى، تذكرت تعليق «على غزال» أول قائد مصرى لفريق أوروبى عن أسباب عودة المصريين من رحلة الاحتراف الخارجى بالبرتغال: «ميكروباص البرتغال، مفضلش غير أحمد حسن كوكا، كان هو السواق وأنا التباع بتاع الميكروباص، الناس اللى رجعت كانت لأسباب خاصة بكل واحد، والباب لايزال مفتوحا فى البرتغال لمن يريد»، لقد أعلنت الشركتان عن توفير سيارات صغيرة بمواصفات أكثر ملاءمة لخدمة شريحة من الركاب، لا يستطيعون تحمل نفقات التاكسى، وقد صرحت الشركتان بأن هذا المنتج سيكون أيسر الطرق للمستخدمين لحجز مقاعد على السيارة، عبر تطبيق إلكترونى خاص بكل شركة، قد تحل هذه السيارات العديد من المشاكل، منها مشكلة الزحام ساعة الذروة التى يعانى منها منتظرو الميكروباص، والتأخيرات بسبب فوضى تحميل الركاب ومدى التزام أو عدم التزام السائق بقواعد السلامة والمرور، والتعديات على الطريق العام، والسير فى الممنوع، لذلك كان يطلق على الميكروباص النعش الطائر على الطريق،
فضلا عن التحرش اليومى بالنساء والفتيات ومضايقتهن واستخدام ألفاظ مسيئة ونابية داخل الميكروباص، ومن الناحية الأخرى قد يساعد ذلك الأشخاص على ترك سياراتهم الخاصة واستخدام السيارات الجديدة، لتوفير ثمن البنزين، لكن لن يمر دخول «أوبر» أو«كريم» سوق النقل الجماعى بسهولة، ستكون هناك حرب علنية فى الشارع بين سائقى سياراتهم وبين سائقى الميكروباص، مثلما حدث سابقا مع سائقى التاكسيات، هذه السيارات الذكية ستثير غضب ملايين من سائقى الميكروباص، والتباعين الذين ينادون على الركاب ويجمعون الأجرة من الزبائن، ويتشاجرون مع بعضهم البعض فى معركة الحصل على الركاب واستقطابهم، بالطبع ستوفر الوسيلة الجديدة كثيرا من الأمان للنساء والفتيات اللائى يتعرضن للتحرش، سواء من سائق الميكروباص أو من الركاب، أى من الممكن أن يطلق عليها «ميكروباص خال من التحرش»، لكن المعضلة أن كلفة الحافلة الذكية ستكون عائقا أمام كثيرين لاستخدامها، مما يجعل الزبائن محصورين فى فئات لا تستخدم عادة الميكروباص، لكنها لم تعد تتحمل ماديا تكلفة التاكسى سواء التاكسى العادى أو سيارات أوبر وكريم، التى زادت كلفتها بعد ارتفاع أسعار البنزين، ورغم ذلك سيعتبر سائقو الميكروباص أن هذه الحافلات ستقطع أرزاقهم هم والتباعين الذين يصرفون على ملايين الأسر، فمهنة التباع لا تحتاج لمهارة أو شهادة أو شطارة نوعية، ومقام التباع من مقام السواق، وكل تباع وله مقام، ترى ماذا سيكون مصير الملايين منه؟!