«بحبك أكتر من اللي فات»!
(سين سؤال)؟ هكذا جاء سؤال زميلتى الصحفية النشيطة، فى واحدة من الجرائد الخاصة، وبالفعل أعطيتها (جيم جواب)، وتصفحت فى صباح اليوم التالى الجريدة، فلم أجد سوى (جيم) أخرى لزميل عزيز، منحهم إجابة وفقا للكتالوج المطلوب هذه الأيام.
السؤال ليس له علاقة بأى مناطق شائكة مما تعتقدون أنه صار من المطلوب والمستحسن أن نبتعد عنها، حتى لا تُصبح الكلمات معرضة لتفسير أو تأويل، غير مقصود، وبرغم أن الأساس هو أن نقول كل شىء وبحرية، إلا أننى متفهم حتى لتلك الحساسية المفرطة، أو التى أصبحت كذلك، حتى نريح ونستريح، الغريب أن الأمر أبسط بكثير مما تظنون، وتلك فى نظرى هى (أم المشاكل)، عندما يندرج تحت قائمة الممنوع تناوله قضايا فنية أو إعلامية، هى بطبعها يجب أن تكون محل خلاف، يصبح الأمر منذرا بخطر محدق، مطلوب أن يتم إنهاؤه فورا، فى أسرع وقت، قبل أن يصبح هو عنوان المرحلة.
كان السؤال «ما رأيك فى توقف عدد من المسلسلات بعد الشروع فى تصويرها؟»، وذكرت زميلتى الصحفية عناوين عدد منها وأسماء أبطالها، مثل يسرا وعمرو يوسف وأكرم حسنى ونيللى كريم؟، قلت لها: أنا لا تعنينى الأسماء، ولا تفرق معى شركات الإنتاج، ومن الممكن أن هذه المسلسلات وغيرها لو اكتملت وشاهدتها أن أنشر رأيا سلبيا عن مستواها الفنى، ولكن ليست هذه هى القضية.
التوقف بعد بداية التصوير يعنى أن المنتج حاول أن يقدم نفسه للسوق، بعد أن وجد منذ البداية عدم ترحيب كافيا من الفضائيات يتيح له اقتصاديا استكمال التنفيذ، فقرر أن يؤكد لهم جديته فى إنهاء العمل قبل بداية شهر رمضان، منتظرا أن يتعاقدوا معه، فلم يتلق عروضا مشجعة، لو حسبتها لأيقنت أن أى مخرج يبدأ اليوم وليس أمامه سوى 60 يوما على رمضان، فهو إذن لن يفعل شيئا سوى ملأ ساعات درامية، بلا أى نية حقيقية لتقديم فن، ضيق الزمن هو العدو الأول لأى ملمح إبداعى، إلا أن السؤال كان مباشرا عن تحليل التوقف المفاجئ، قلت إنه أحد توابع الاحتكار، شركة واحدة تنتج، وهى أيضا تملك منافذ العرض، وبالتالى سيطرت على كل شىء بقبضة قوية واحدة، واحتكرت تقريبا (ميديا) الدراما، بعد أن امتلكت العدد الأكبر من الفضائيات المؤثرة، وأيضا الفاعلة، فصارت منافذ عرض لتلك المسلسلات، وحالت دون السماح بأعمال أخرى، وهذا هو توصيف الاحتكار حرفيا.
والذى جاء تحريمه عالميا من أجل إنعاش السوق بمختلف أنواع الإنتاج، وإذا كان هذا القانون يطبق على البضائع فإن الأولى به سوق الإبداع، لأنه بطبعه قائم على التعددية، لدينا طاقات فنية أدى هذا القرار إلى استبعادها، بل صاروا فى قائمة المطلوب التعتيم عليهم، مستبعدين من التواجد فى البرامج التى تقدمها هذه المحطات، وكل من يتناول الاحتكار بالنقد مستبعد أيضا من الظهور على شاشات تلك القنوات.
هل تظل تلك الطاقات المهدرة على دكة الاحتياطى؟، ربما لضيق الوقت المتاح، ولأن الضربة كانت مفاجأة فإنها سوف تتوقف هذا العام، ولكننا سنجدها فى الأعوام القادمة خارج الحدود ليتجه (الريموت) إلى قنوات فضائية أخرى، كانت تلك هى إجابتى الممنوعة من النشر وتذكرت الفاجومى (وكل يوم فى حبك تزيد الممنوعات / وكل يوم بحبك أكتر من اللى فات)!.
(المصري اليوم)