«فاتورة» فرح العمدة!
لظرفٍ خاص لم أحضر المهرجان، ولكن أتابع ما يكتبه الزملاء، وأقرأ أحاديث بعض المسؤولين عن مهزلة «شرم الشيخ»، وأتعجب من كم التجاوزات المجانية، تدهشنى أكثر نبرة التبجح والاستهانة بما أقدموا عليه من أفعال، هل صار علينا أن نضرب تعظيم سلام للعشوائية، ونحمد ربنا (ألف حمد) أن فلاناً ضحى بوقته الثمين وتفضل بإقامة مهرجان، بدلا من إخراج أو كتابة فيلم أو مسلسل؟ مما يشعرك كذباً وكأن منتجى ونجوم الأفلام والمسلسلات يقفون جميعا على الباب.
ليس من حق المهرجان إلغاء فيلم الافتتاح، بحجة أنه لم يضبط عدد الأغانى وكأننا بصدد مهرجان غنائى، كيف تضبط إيقاع مهرجان وأنت غير قادر أساساً على ضبط إيقاع حفل؟!، لا يجوز التقليل من غضب مخرج فيلم الافتتاح (الفريق)، لا يحق لأحد عرض فيلم بدون الحصول على موافقة المخرج، سبق قبل عامين أن احتج المخرج الفلسطينى هانى أبوأسعد على عرض فيلمه (الجبل بيننا) فى افتتاح مهرجان القاهرة لأن القاعة غير مهيأة، اعتذروا له جميعا ولم يعرض إلا بعد الحصول على موافقته مجددا، بينما فى (شرم) واجهوا المخرج بالسخرية والتقليل من شأنه ومن فيلمه.
الكل يتناسى عمدا أن من يدفع ثمن الإخفاق هو الدولة، إنها صاحب المحل الذى عليه فى نهاية السهرة تسديد فاتورة الكراسى والموائد والمصابيح المحطمة.. أمارات الفشل كانت تلوح منذ البداية، حتى مع الاعتراف بضآلة الأموال التى ترصدها الدولة، فإنها تفرض على من تصدى للمسؤولية أن يصبح أمينا عليها.. مع الأسف، الخوف من أصحاب الحناجر العالية يجعل الأغلبية فى لجنة المهرجانات، المنوط بها الموافقة أو الرفض، يعملون ألف حساب للحنجورى ويؤثرون السلامة.
مهرجان شرم الذى كان فى البداية يقام فى الأقصر لايزال يبحث عن هوية، فهو يتخبط فى إيجاد مكان يحمل اسمه، من المؤكد أن الدولة أخطأت عندما وافقت فى البداية على إقامته بالأقصر، حيث سبقه مهرجان السينما الأفريقية، ولا يجوز أدبيا إقامة مهرجانين، الفارق بينهما زمنيا بضعة أسابيع، كما أن الدولة واصلت الخطأ لأن شرم لا تصلح أساسا لإقامة مهرجان سينمائى، المدينة مهيأة تماماً لإقامة مهرجان غنائى أو موسيقى أو كرنفالى بربع تلك التكلفة، ولمدة لا تتجاوز 48 ساعة يُصبح بعدها حديث العالم.
مؤسسة (نون) واحدة من أفكار الراحل د. محمد كامل القليوبى، كان يحلم بمهرجان سينمائى لائق، ولكنه لم يجد الهوية التى تمنح المهرجان خصوصية، هل بعد أن صار للسينما الآسيوية انتهت المشكلة، أم بدأت؟.. المهرجان غير قادر على تقديم تلك الإطلالة، أين إذاً الدراسات والندوات والأفلام التى تتناول السينما فى دول صارت محورية فى هذه الصناعة مثل الهند والصين واليابان وإيران وغيرها، كل منها تستحق توثيق وندوات؟!.. ما فعلناه هو ندوة عن السينما الخليجية والتى تعقد أساسا الكثير من الندوات التى تحمل نفس العنوان على أرضها، فما الإضافة؟. لوجو المهرجان تتصدره سعاد حسنى، ومع كل التقدير والاحترام لقامة وقيمة سعاد، اختيارها يبدو غريبا على مهرجان آسيوى، لقد أعلنوا تكريما خاصا مستحقا لمخرج الروائع حسن الإمام.. ثم لا حس ولا خبر.
فرح العمدة كان هو عنوان تلك الدورة، وجهت الدعوات للمئات، بينما (دوار) العمدة لا يتحمل سوى عزومة ع الضيق، فكانت الفضيحة التى أشارت لها أقلام عدد من الزملاء، وتحملتها مدينة لها كل الحب فى ضمير المصريين والعالم!.
(المصري اليوم)