جرائم يغفرها الجمهور

النجم الذى تنكر لطفليه ولم يعترف بهما أمام الرأى العام، برغم قرار المحكمة بثبوت الزواج والأبوة، حقق قى العام الماضى الرقم الأعلى فى إيرادات شباك التذاكر، أى أن الجمهور وضع خطا فاصلا بين السلوك الشخصى والإعجاب الفنى، وهو ما ينطبق على المطرب المغربى الذى تحقق أغانيه الأخيرة عربيا حالة غير مسبوقة من الرواج، برغم ملاحقته قضائيا أكثر من مرة بجريمتى الاغتصاب والسادية، هل ماتت العقوبة الاجتماعية التى كان يوجهها فى الماضى الجمهور لنجمه المفضل، لو أنه ارتكب خطأ أخلاقيا، أم أن هناك أسبابا أخرى؟!

أثار الفيلم الوثائقى (ليفينج نيفرلاند)، منذ عرضه الشهر الماضى فى مهرجان (صاندانس) وانتقاله بعدها إلى دور العرض، العديد من علامات الاستفهام، التى أحاطت بالنجم الأسطورى مايكل جاكسون، حيث إنه تضمن مقابلات تم إجراؤها مع عدد ممن يتهمون مايكل بأنه اعتدى عليهم جنسيا فى مرحلة الطفولة، بعد أن أصبحوا رجالا إلا أن الجريمة النكراء لم تبرح ذاكرتهم.

هذه الاتهامات وغيرها ليست جديدة، بالطبع، بل نال مايكل عشرات منها قبل رحيله منذ عشر سنوات، عشاق مايكل لايزالون مصرين على أنها مجرد وشايات، الغريب فى الأمر أن أغانيه تحقق الأرقام الأعلى، بل هناك هامش من الزيادة، برغم الاستهجان الذى لا يمكن إنكاره، الواضح أن الأمر يدخل فى إطار صراع بين من يؤيد أو يعارض فتؤدى هذه الحالة من الاستقطاب إلى رواج أغانى المطرب مجددا.

مثل هذه الاتهامات نالت مثلا من المخرج رومان بولانسكى الذى وصل إلى شاطئ الـ85 من عمره، محققا نجاحا عالميا مشهودا له، ورغم ذلك فهو موصوم بالمغتصب، لم يغفر له الرأى العام اعتداءه على فتاة قاصر قبل 42 عاما، فهو بولندى الأصل، هوليوودى الهوى، يحمل الهوية الفرنسية، ويقيم فى أكثر من دولة، خوفا من المطاردة الجنائية، نال «الأوسكار» الأمريكى و«دب» مهرجان برلين و«سعفة» كان، وأيضا «سيزار» الفرنسى التى تماثل «الأوسكار»، إلا أنه لم ينل أهم وسام يسعى إليه الناس وهو الاحترام، فهو محروم من هذا الوسام.

قدم اعتذاره أكثر من مرة أمام عدسات المصورين، مخاطبا كل الفضائيات بأنه أخطأ عام 77، ورغم ذلك فإن الناس لم تسامحه.

الفتاة القاصر نفسها صارت زوجة وأما فى السادسة والخمسين من عمرها، لكنها لم تنس.. والمجتمع لم تبرح ذاكرته تلك الصورة!

الجرائم من هذا النوع لا يتسامح معها المجتمع بسهولة، الجميع ملتزمون وسواسية أمام القانون، وكل محاولات ترحيل بولانسكى لأمريكا لكى ينال عقابه المستحق لا يتم تنفيذها لأسباب قانونية.

الفارق فى التعاطى بين الملفين، رومان بولانسكى ومايكل جاكسون، أن الأول اعترف بجريمته، ولهذا بات من الصعب التسامح معه، بينما مايكل لايزال بين جمهوره من يتشبث ببراءته، كما أن عائلته قررت مطاردة الشركة التى أنتجت الفيلم المسىء له.

أتصور أن علامة الاستفهام التى ارتبطت بمايكل جاكسون والتى تقف بين الإدانة والبراءة تلعب لصالحة دعائيا، عشاق أغانيه يصرون على براءته، ومن بين أسلحة إثبات البراءة زيادة الإقبال على أغانيه، وهو ما ينطبق على المطرب المغربى، فهو لايزال يستأنف كل الأحكام الصادرة ضده حتى الآن، أما النجم المصرى الذى حقق أعلى الإيرادات ويحصل على أعلى أجر، فهو يستحق دراسة اجتماعية موسعة.

هل أصبح المتفرج المصرى لا يعنيه سوى ما يراه فقط على الشاشة، وبعدها وقبلها فلا شىء يهم!!

(المصري اليوم)

 

التعليقات