الشيكولاتة ساحت!

فى ذكرى سعاد حسنى تكثر الأسئلة الخايبة، مثل: هل قُتلت أم انتحرت؟.. ثم ننتقل إلى السؤال الأخيب، هل تزوجت حليم أم أنها مجرد حالة حب؟.. وتنشب معركة ساخنة بين الورثة، واحدة تقودها شقيقة سعاد تؤكد الزواج، وتنشر عقدا مزورا كل شهوده غادروا الحياة، بينما يتزعم محمد شبانة ابن شقيق عبدالحليم مظاهرة أخرى تنفى الزواج، رغم أنه عندما رحل حليم عام 77 لم يكن عمره تجاوز الخامسة.

وسط هذا الصخب ننسى الأهم، تحليل إبداع سعاد، تلك (الجنية) التى قفزت لدنيانا من أعماق بحار مشاعرنا، لتسكن مجددا وللأبد أعماق مشاعرنا!!

أصدق من حلل تلك الموهبة الاستثنائية ابن (الكار) أحمد زكى، تابع كلمته.. أقصد النعى الذى نشره بالأهرام.

إليها هى: (يا أكثر الموهوبين اتقانًا، وأكثر العباقرة تواضعًا، واكثر المتواضعين عبقرية، بوجودك ملأت قلوب البشر بالبهجة، يا من جعلتِ حياة الناس أكثر جمالًا).

الكلمات عفوية، لم يتدخل أحد فى ضبط جملة، أو توضيح معنى، فهى لا تحمل سوى إحساس فطرى من أحمد بسعاد.

تلك هى مفرداته التى كتبها قبل 18 عاما، لم تشعر سعاد بأنها عبقرية فى فن الأداء، الإنسان بداخلها تم ترويضه، فهى لا تخطط ولا تعيش النجومية، والأهم أنها لا تشعر بالضوء، لا تعرف سوى الفن، تكتمل أمام الكاميرا، كائن سينمائى، موطنه الأصلى الاستوديو، قبل وبعد ذلك، لم يتم فطامها.

أحمد زكى كان يصف نفسه قائلا: أنا قبل التصوير (مجرد شخبطة ع الحيط)، وأظن أن هذا التوصيف يرسم شيئًا من ملامح سعاد.

العقل الغائب والوجدان الحاضر، هذا هو سرها، لم تخطط لأبعد من اللحظة التى تعيشها.. القدر منحها دائرة مخلصة من الأصدقاء تولوا هم التخطيط.

الإنسان هو سر النجاح، كان هو أيضا سر التعثر، لم تملك مثلًا قدرة زميلتها نادية لطفى على الصلح مع الزمن، وهكذا عاشت آخر 15 عاما خارج المجرة.

توقفت سعاد الأنثى عند (خللى بالك من زوزو)، جهاز (الأنسر ماشين) أكيد تتذكرونه كان يرد عليك حتى رحيلها بصوت (زوزو)، الفيلم تم تصويره عام 72 وسعاد مواليد 43، أى آخر رقم عاشته 29 عاما، وبعدها توقفت العقارب عن الدوران.

كان كامل الشناوى يطلب منها ألا تضع مكياجا على وجهها، وتكتفى بالجمال الطبيعى الذى وضعته يد القدر.

الصراعات كانت تحاك بضراوة حولها، لم تكن تحسبها ولا تعنيها، فقط هى لا تفكر سوى فى الفن.

فى مشهد لا أنساه، كانت فى طريقها للاحتفال بإعلان جوائز مهرجان الإسكندرية عام 91، النتائج تسربت فى الصباح، وعلمنا أن سعاد أخذت جائزة أحسن ممثلة عن فيلم (الراعى والنساء)، تدخلت مصالح (وهذا تعبير مهذب)، وتم استدعاء لجنة التحكيم مجددا فمنحوا الجائزة لنجمة أخرى واكتفوا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لسعاد.

قلت لها فى بهو فندق شيراتون المنتزه، حيث لم أكن على علم بالصفقة: «مبروك أحسن ممثلة»، ابتسمت وقالت لى: (مش تستنى يا طارق حتى تعلن الجائزة رسميا).

وفى المساء، غنت سعاد حتى لمن تواطأوا عليها: (الشيكولاتة ساحت، راحت مطرح ما راحت)، ولا نزال نستمتع بطعم الشيكولاتة، وهذا هو السر والسحر!!

التعليقات