في المسألة الإعلانية
«إذا أظهرنا مشاعرنا يطلقون علينا دراميات، إن حلمنا بالمساواة فنحن واهمات، عندما نكون الأفضل فهناك كارثة حلّت بنا، عندما نكون غاضبات يصفوننا بالهسترة، المرأة التى ركضت فى الماراثون مجنونة، المرأة التى تمارس الملاكمة مجنونة، والتى حملت ثلاثا وعشرين بطولة أصبحت مجنونة فى نظرهم، المنافسة المتحجبة، أو حتى التى حصلت على تدريب فريق عالمى مجنونة، حسنا دعيهم يرون ما بوسع المجنونة أن تفعله، سيبدو جنونا إلى أن تجربيه».
هكذا تأتى هذه الكلمات المصاحبة بمشاهد لنساء يتألقن ويتفوقن فى مجالات مختلفة، ونكتشف بعد ذلك أنه إعلان لإحدى شركات الملابس الرياضية العالمية الشهيرة، وقد تصبنا الدهشة لذلك لماذا تقوم الشركة بهذا الإعلان الذى هو موقف صريح وواضح فى دعم النساء ومساندتهن وعدم الالتفات لأى عوائق تستهدف النيل من استقلاليتهن والحط من كرامتهن، وتهميشهن واعتبارهن كائنات تابعة للرجال.
لقد أدركت الشركات الكبرى أهمية ما يسمى المسؤولية الاجتماعية تجاه أفراد المجتمع وجماعاته وطوائفه وفئاته المختلفة، وتعبر المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والشركات عن التزامها المتواصل والأخلاقى تجاه تأثير القرارات والأنشطة التى تقوم بها، وذلك على البيئة والمجتمع، بما فى ذلك الصحة ورفاهية المجتمع، مع احترام القوانين والمعايير الدولية وجعلها ضمن ثقافة المنظمة وعلاقاتها.
وقد أدركت هذه الشركات أن المسؤولية الاجتماعية ستساعدها كذلك على تحقيق الأرباح وليس الخسارة، وبدأت تقوم بتبنى- من خلال إعلاناتها وأنشطتها- قضايا مجتمعية، تطبق من خلالها هذه المسؤولية، وفى نفس الوقت تزيد من ربحها، لأن هذا الإعلان سيزيد من مبيعات الأحذية الخاصة بالنساء، لأنهن أيضا يمثلن قوة شرائية كبرى.
ولعل الشركات المصرية تتعلم من هذا الإعلان ألا تقدم إعلانات تسىء للمرأة من خلال تشييئها ومساواتها بالسلعة نفسها، كما حدث فى إعلان «مكرونة» الذى بدأ بالجملة التالية: «تفتكروا إيه وجه الشبه بين الستات والمكرونة؟!!، الست معاك لو مزنوقة حتشيلك، والمكرونة كمان ومعاك لما الدنيا تشيلك، يعنى تكلها بدقة وشطة مش حتقول لأ، الست بتحب التغيير، والمكرونة الحلوة كمان، مكرونة (...) قصة شعر، ولبس جديد، والستات من كلمة بتصفى ولا تاخد غلوة، والمكرونة زيها فى المصفى تنجز ومطلعش عينيك، ومعاك لما الدنيا تروق وبإشارة تجيلك، زى الست فى كل حاجة، والمكرونة الحلوة للست الحلوة»، أى مهانة وأى سخافة وتحقير مفرط للمرأة لجعلها سلعة، نتمنى أن تعتذر شركة المكرونة عن هذا الإعلان المسىء والمزرى، وتتحمل مسؤوليتها الاجتماعية تجاه النساء والمجتمع.