كريم أبطالنا.. واستقبال الأبطال

** انتهت كأس الأمم الإفريقية.. انتهى التحدى الكبير الذى قبلت به الدولة وأجهزتها وهى التى أدارت هذا المشروع الرياضى بنجاح فاق التوقعات.. وقد منح هذا المشروع بمختلف تفاصيله الفرصة لأجيال من الشباب المتصل بالعالم، لإخراج حفلى الافتتاح والختام بتلك الصورة الرائعة المبهجة.. وهذا الشباب قام باختيار الشركات المتخصصة فى هذا المجال، وقام بطرح المنافسة بينها لأداء العمل.. واختار فى النهاية من يصنع البهجة ويعرضها على العالم.. ثم إن البطولة ليست فقط رفع الكئوس وإحاطة الصدور والأعناق بالميداليات.. فالبطولات فيها أعمال وتفاصيل مخيفة، ومن يتصدى للتنظيم عليه أن يحل كل عقدة فى كل تفصيلة.. وعمل فى التنظيم آلاف الشباب، وتأسست شركات مهمة سوف تغير وجه الرياضة المصرية مثل شركة «تذكرتى» وشركات النقل، وقامت شركات بأعمال إعداد الملاعب والاستادات، وهؤلاء جميعا يستحقون الاحتفاء بهم وتكريمهم، تكريم الأبطال فالبطولة ليست فقط فى الملعب.. كما يجب تسجيل هذا التحدى بتفاصيله فى كتاب يروى الحكاية، ويسجل كل للبطولات القادمة.. فالتجارب العظيمة تستحق أن تحفظ.

** هذا عن أبطالنا، لكن ماذا عن أبطال الملعب؟

** حظى منتخب الجزائر باستقبال الأبطال عند عودته إلى بلاده حاملا كأس إفريقيا، وكان أمرا متوقعا، وتعرفه كل دول العالم، وعشناه فى مصر فى أعوام 1998 و2008 و2010 . بينما فاز المنتخب الوطنى بتكريم الرئيس تقديرا لكفاح لاعبيه بعد التأهل لنهائى الأمم الإفريقية عام 2017.. وفى السنغال خرج آلاف المواطنين لاستقبال منتخب بلادهم الذى خسر المباراة النهائية أمام الجزائر.. واستقل لاعبو الفريق حافلة، وقاموا بجولة شرف لتحية الجماهير.. وكان ذلك درسا من دروس الرياضة والتحضر والفهم لقيم هذا النشاط الإنسانى الجميل. ومن مقدسات الألعاب الأولمبية النص الذى يقول: «أهم شىء فى الألعاب الأولمبية ليس الانتصار بل مجرد الاشتراك، وأهم ما فى الحياة ليس الفوز بل النضال بشرف».. وتلك هى الرياضة وقيمها فى أعلى درجاتها.

** فى كل حدث رياضى، سواء فى مجال كرة القدم، مثل كاس العالم، أو دورة رياضية مثل الألعاب الأولمبية، تتلقى المجتمعات، لاسيما العربية، دروسا فى المضمون الحقيقى للممارسة الرياضية. ومن أسف أشاع الجهلاء والدخلاء أن المهمة الأولى للعب الرياضة والانغماس فى منافستها وتدريباتها هى حماية الأسرة والأبناء من «الانحراف» ومن الانجراف إلى تعاطى المخدرات، كأن هذا الانجراف أمر عادى وعام وشعبى، ومنتشر انتشار العادات والتقاليد والأعراف عند الشعوب.

** قد تكون ممارسة الرياضة عند الأبناء حماية جزئية من الانحراف، بإخراج الطاقة فى تدريبات ومنافسات. لكن فى الواقع إن الرياضة مفيدة للصحة، وتحمى الإنسان من أمراض كبر السن، لاسيما أمراض القلب والشرايين. لكن الرياضة فوائدها أكبر وأكثر من ذلك. فهى تمنح الإنسان طاقة إيجابية، وتمنحة الاسترخاء والقدرة على التأمل. وهى تعلم الأطفال العديد من المفاهيم وفى مقدمتها أن الحياة انتصار وانكسار، ومن يخسر عليه أن يسعى للفوز فيما بعد. والرياضة تعلم الأطفال النضال والكفاح، واللعب حتى آخر لحظة، والسعى للفوز دون توقف، وتعلمهم العمل الجماعى، وقيمة مساندة زميلك، وقيمة تلقى المساندة من زميلك. والرياضة أيضا تعلم الأطفال الصغار وتعلم الكبار بالطبع، معنى المنافسة، واحترام المنافس، وتقدير البطل، والبطولة. وأنه لا نجاح دون مشقة ولا تفوق دون تدريب ودون حرمان من مباهج الحياة، وكى تكون الأول فى دراستك عليك أن تذاكر، وكى تكون الأول فى عملك عليك أيضا أن تذاكر، وكى تكون البطل عليك أن تتدرب بجدية، وتبذل أقصى طاقة وجهد فى التدريب وفى المنافسة. فمن يلعب بجد، يعمل بجد..!

 

التعليقات