
ما (قلَّ ودلَّ) موسم جدل ٥٢
بمناسبة الجدل الكبير و الانقسام المجتمعى الذى يحدث دائما مع اقتراب ذكرى حركة الضباط الأحرار في عام ١٩٥٢، نجد دائما الآراء منقسمة بين محبين لهذه الحركة أو الثورة كما يسمونها و آخرين كارهين لها و حتى المحبون ينقسمون إلى قسمين، الأول يعبد الثورة و مفجرها كالاصنام و لا يريد اى نقاش حولها و يراها انها عمل كامل مثالى لا أخطاء فيه و يرى كل مختلف معها خائن و عميل ، اما القسم الثانى فهم عقلاء من اليسار ثقافتهم عالية يتحدثون عن ٢٣ يوليو و فترة حكم عبد الناصر بموضوعية و كان أفضلهم في وصف هذه الفترة هو المفكر الكبير جلال أمين في كتابيه ماذا حدث للمصريين و عصر الجماهير الغفيرة حيث كتب تحليل دقيقا للتغيرات المجتمعية و الاقتصادية و السياسية بعد ٥٢ بشكل علمى دقيق غير متأثر بميوله الاشتراكية. و على الجانب الآخر نجد ان الليبراليين ينقسمون أيضا إلى قسمين الأول يرى ان ٥٢ هى فترة سوداء في عمر الوطن و هى سبب كل الاخفاقات و المشاكل التى جاءت بعدها و يرون في عصر الملكية جنة الفردوس الأعلى و كأنها كانت مثالية بلا أخطاء و طبعا هؤلاء أيضا يتحدثون بلا موضوعية لا أجد فرق بينهم و بين من يقدس ناصر فالطرفين مصاب بالعمى و يعتقد ان رأيه هو الصواب المبين. أما القسم الثانى من الليبراليين فهم الذين تطوروا في الفكر السياسي و تحولوا من الليبرالية المتوحشة إلى الليبرالية الاجتماعية و التى تعتمد أفكارهم على الديمقراطية و السوق المفتوح و لكن بشكل منضبط و مسئول يحمى الطبقة العمالية بتشريعات خاصة بالحد الأدنى من الدخل و ضمان الخدمات الصحية و الاجتماعية و هؤلاء أيضا يتحدثون عن فترة ناصر بموضوعية . اذا خلاصة القول ان اى فترة في التاريخ لها اكثر من وجه و عندما نحلل الأمر يجب أن نحلل بموضوعية و عليه ستجد ان فترة حكم جمال عبد الناصر لها ايجابيات كما أن لها سلبيات و قد تكون سلبياتها أكثر تأثيرا خاصة مع قرارات مثل أنفاق غطاء الذهب على حرب اليمن الفاشلة و طبعا هزيمة ٦٧ و الأخطر هو قرار تقسيم الرقعة الزراعية. و دعونا نكمل حديثنا العام القادم في ذكرى ٥٢ القادمة.