امتى ح تشتم رمضان؟!!
أتلقى العديد من الرسائل، يسألنى أصحابها: إمتى ح تشتم محمد رمضان؟ أؤكد لهم أن الناقد لا يوجد فى قاموسه مفردات شتائم، رغم أن هذا هو التعبير المتداول بين الفنانين، وعلى رأسهم عادل إمام، يصف الرأى الذى يقف على الشاطئ الآخر بكلمة (شتيمة)!!
لم أشاهد الحفل الذى أقامه رمضان قبل بضعة أسابيع فى (التجمع الخامس)، وهو ما تكرر أيضا فى حفله الأخير بـ(الساحل الشمالى)، وأزيدكم من الشعر بيتا، وأرجو ألا تعتبرونى من (أهل الكهف)، لم يسبق لى الذهاب للساحل الشمالى، الإسكندرية بالنسبة لى هى الشاطئ.
أشاهد حفلات رمضان عبر (اليوتيوب)، والتى يسعى فيها للاستحواذ على المشاهد بالكلمة واللحن والأداء والحركة والضوء والمؤثرات، لديه خطة طموحة من أجل تحطيم الرقم الأكبر فى كثافة المشاهدة، وهو ما حققه بالفعل، ترصد قفزة رقمية استثنائية فى تلك الحفلات التى تجمع بين فن السيرك والمسرح، يراهن على جمهوره، يقدم ما هو أبعد من خيالهم، فى حفل (الساحل) مثلا داعبهم بفقرة الأكروبات، وهبط عليهم من مسافة 15 مترا.
ثم تراه فى فقرة تالية يرتدى بالطو، بعدها قميصا شفافا أو يتخلص من القميص، يضع تاجا، يمنح نفسه لقب سلطان أو ملك وغيرهما.
تأملوا أولا الجمهور الذى يملأ المسرح، قبل أن تتابعوا من يقف على المسرح، قبل نحو 40 عاما قال عبدالوهاب: (الجمهور يتعاطى مع الأغانى بالسيقان وليس الوجدان)، ولم يكتف بهذا القدر، أضاف (المستمع الآن الله يرحمه)، ورغم ذلك لم يعتزل عبدالوهاب التلحين، لم يطالب نقابة الموسيقيين ولا الأجهزة الأمنية بمصادرة الآخرين، ببساطة واصل تقديم إبداعه، حتى آخر قصيدة له غنتها نجاة شعر نزار قبانى (أسالك الرحيلا) وكان يقف على شاطئ التسعين.
عبدالوهاب أدرك أن الدنيا تغيرت، والجمهور الذى كان يعد ورائه كم مرة قال كلمة (يا ترى) فى أغنيته القديمة (يا ترى يا نسمة ح تقولى إيه)- وللتذكرة أعادها نحو أربعين مرة وفى كل مرة كان لها مذاق مختلف- هذا الجمهور فعلا (الله يرحمه).
ما نراه الآن من الأجهزة الفنية هو بمثابة إقصاء يتدثر بغطاء اسمه الذوق العام، معيار زجزاجى مطاط يتحمل فى لحظة كل شىء، ثم بعد ذلك يرفض أيضا كل شىء، متجاهلا أن الجمهور هو الذى يفرض فى نهاية الأمر ذوقه على الفنان، التعبير المتداول: نرتقى بذوق الناس، يتجاهل أن الذوق ليس قميصا نرتديه، ومن الممكن فى لحظة استبداله، لكنه وجدان يتشكل عبر السنين، وفق العديد من المؤثرات الاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية وغيرها.
هل تتذكرون جمهور أم كلثوم، التليفزيون لايزال يحتفظ بأغانيها أبيض وأسود، سيدات وقورات ترتدين ملابس السهرة والرجال أيضا الإسموكن والببيون، بديهى أن ترى أم كلثوم بالفستان الوقور وتضع على صدرها (البروش) وفى يدها المنديل وتغنى لهم (الأطلال)، وتشم على الشاشة رائحة عطر الفل والياسمين.
الناس تختار الفن الذى يعبر عنها، أغانى (المهرجانات) التى يعتقدون أنهم نجحوا فى نفيها خارج الحدود بتلك القرارات الصارمة الظالمة، ستأتى رغما عنهم من الشباك.
قدموا للناس الفن الذى يعيدهم إليكم، رمضان فك شفرة جمهوره، فكوا أنتم شفرة جمهوركم، لو كان لايزال لديكم جمهور!!