محاولة للاجتهاد

ضمن مناوشات الكاتب القدير نيوتن على صفحات «المصرى اليوم» طرح تساؤلًا هاما عن ظاهرة استجدت فى مصر، وتتمثل فى التطرف الدينى الذى انصرف إلى فكر وسلوك ومظهر الناس، وأورد لذلك عدة أسباب: هل هو الفكر الوهابى الوارد إلينا عبر العاملين بالخليج؟، أم من الزوايا والدروس الدينية وخطب الجمعة؟، أم من التوسع فى التعليم الأزهرى؟، مؤكدا تقديره لشيخ الجامع الأزهر الذى كانت لى فرصة ذهبية للقائه والمحاورة مع فضيلته وأؤكد أنه الأمل فى التغيير والتحديث إذا ما انعقدت نيته وإرادته على تحقيقه.

وتلك محاولة منى للاجتهاد بإضافة أسباب قد تفسر تلك الظاهرة أولها: انهيار نظام التعليم على مدى سنوات طوال بما تضمنه من تخلف المناهج وتكدس الفصول وتراجع مستوى المعلمين إلى جانب اختصار ساعات اليوم الدراسى، مما دفع بتلاميذ المدارس الحكومية ــ وهم الأكثرية ــ إلى الشوارع والمقاهى دون حماية أو إدراك حقيقى لما هو صائب وانصرف ذلك على سهولة تشبعهم بآراء دينية مغلوطة.

ثانيا: تراجع مستوى معيشة الأغلبية من المواطنين وتزايد معدلات الفقر مما جعل من المواطن المصرى مواطنا منهكا متعبا مهموما دائما بما يحققه من دخل فى حده الأدنى رعاية لنفسه ولأسرته، ولم يترك له ذلك الصراع مساحة للتفكير والتمحيص فيما يقال له أو يتردد أمامه من أنماط سلوك دخيل.

ثالثا: الزحام والتكدس وفوضى الشارع المصرى خاصة فى العشوائيات وتلاصق الناس بشكل غير مقبول إنسانيا، هزم ذلك المرأة وأصبح المطلوب منها التخفى والإمعان فى إسدال الملابس حتى لا تكون عرضة للتنمر، وتلك التعليمات التقطها الرجال فى الأرياف والأحياء الفقيرة من مشايخ الزوايا تكريسًا لشيطنة المرأة عِوضا عن الالتزام باحترام وجودها وحمايتها.

رابعا: تراجع الإعلام وبرامجه والدراما المذاعة من خلاله ومواده بشكل عام التى كانت تحتوى على المعرفة وتغلّف بالجاذبية وتوجه بشكل مباشر وغير مباشر إلى نبذ التطرف والمغالاة واحترام الاختلاف، بل أفرد الإعلام ساعات من إرساله للعديد من المتزمتين.

خامسا: تراجع الفنون المصرية الجماهيرية من سينما ومسرح وغناء وتم السماح باحتوائها لما يعتبر خروجًا عن الأعراف العامة للمجتمع المصرى، مما أعطى فرصة للمزايدين بتحريم الفنون واعتبارها رجسا من عمل الشيطان.

سادسا: وأخيرًا تبقى مسألة الطبقة المتوسطة المصرية رمانة الميزان التى تجاهد بكل قواها للبقاء والتماسك بعدما نالتها نكسات اقتصادية وسياسية أدت إلى تراجعها تعليميا وماديا، وأصبح مبتغاها الأساسى مجرد البقاء وليس مواجهة التطرف والتعصب.

التعليقات