نانسي عجرم... «السياسة خارج النص»!!
لماذا صرنا نقرأ العديد من التفاصيل في حياتنا بمنظور سياسي، حتى لو كان الأمر لا يحمل بطبعه أي موقف يوحي ولو من بعيد لبعيد بظلال سياسية؟ الزاوية التي نُطل منها على الحدث في أحيان كثيرة تؤدي لقراءة خاطئة، كما أن اللحظة الزمنية التي نعيشها قد تدفعنا لتفسير يجافي الحقيقة، ومع الأيام تزداد كرة الثلج الهابطة من أعلى جبل الأكاذيب.
حادث قتل الشاب السوري بـ16 رصاصة من الطبيب فادي زوج الفنانة نانسي عجرم، لا يمكن أن تضعه تحت عنوان فضفاض أراد له البعض بدوافع شتى الذيوع والانتشار (لبناني يقتل سورياً)، حتى يصبح بمثابة سلاح جاهز سريع الطلقات يوجه ضد السوريين واللبنانيين معا، وفي نفس اللحظة.
جزء من السوريين وجد بعد الحرب المدمرة، في الشقيقة لبنان الملاذ والملجأ الآمن، ولا ننسى أيضا أن هناك نسبة كبيرة من علاقات النسب والقربى، بين السوريين واللبنانيين، وهي قطعا روابط تاريخية تشير إلى الامتزاج في الدماء، عبر الزمن، أتذكر كلمة للمطرب السوري جورج وسوف المقيم دوما في لبنان، عندما سألوه، قال وطني سوريا وبيتي لبنان، فهو يلخص بجملة واحدة حميمية تلك العلاقة.
المواطن السوري الذي يعيش في لبنان يعمل في العديد من المهن، حتى يتمكن من مواجهة أعباء الحياة القاسية، لا أنكر أن هناك بعض المشاكل قد تحدث هنا أو هناك، ولكن المسارعة بوضعها تحت طائلة قانون السياسة، هي أكبر خطر سيؤدي حتما إلى السير على صفيح ساخن، لبنان يعاني من مشكلات اقتصادية طاحنة، ليست قطعا بسبب السوريين، ونستعيد ما أشارت إليه قبل أيام صحيفة «الشرق الأوسط» أن نحو 25 في المائة من الودائع (الدولارية) في البنوك أصحابها سوريون، أي أنهم يدعمون (الليرة) اللبنانية، بينما (الليرة) السورية تنهار.
الجريمة التي حدثت، لا يجوز تلخيصها في قتيل سوري وقاتل لبناني، من يدافع مثلا عن القتيل، يرى من منظور جنائي أنه لم يرتكب ما يستحق أن توجه إليه كل هذه الطلقات، ولديه إحساس بأن هناك رواية أخرى غير تلك المتداولة مسكوتا عنها، على الجانب الآخر هناك من يرى من منظور سياسي معاكس، أن الطبيب كان في موقف الدفاع عن نفسه وأهله، والقانون يمنحه في هذه الحالة استخدام كل الأسلحة.
أثق أن القضاء اللبناني العادل سوف يُمسك قريبا بخيط العدالة، والأمر ليس له علاقة بنجمة شهيرة وزوجها الطبيب المرموق، ولكن العدالة المعصوبة العينين هي الشاطئ الذي سترسو قطعا إليه كل الملابسات، الفصل الأخير سنتابعه جميعا على الملأ، ولن يفلت أحد لو كان يستحق، من العقاب، فقط علينا ألا نتحول نحن إلى أجهزة ضبط وإحضار ومنصة قضائية.
أسوأ ما يمكن أن يحدث أن تدخل معادلات أخرى خارج النص، ولنا تجارب سابقة مماثلة، اتسعت فيها مساحات الخلاف، في عدد من الدول العربية، عندما يحدث خلاف عابر بين مواطن ينتمي للبلد المضيف، وآخر يعمل على أرضها، في العادة يحدث قدر من التوتر، والبعض يسارع بمنح التفصيلة الصغيرة، أبعادا أخرى تتجاوز الشخص إلى الوطن.
دعونا ننتظر ونحن مطمئنون، فإن القضاء اللبناني العادل سيصل حتما للحقيقة، ومهما كان الحكم الذي سينطق به القاضي، فالأمر ليس له علاقة أبدا بجنسية القاتل ولا القتيل.