هذه الصورة عن السد!
هذه الصورة ليست بألف كلمة، كما قيل دائماً فى وصف الصور، ذات المعانى الكبيرة، ولكنها صورة بأكثر من ذلك لأنها تغنى عن الكثير من الكلام!.
الصورة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن جولة مفاوضات سد النهضة، التى عقدها وزراء الرى المصرى، والسودانى، والإثيوبى، فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، صباح الجمعة الماضى!.. كان عنوان الخبر المنشور مع الصورة يقول- ما معناه- إن مصر ترى التعنت الإثيوبى وراء عدم تحقيق تقدم فى المفاوضات!.
وكان هذا هو المعنى ذاته الذى قاله البيان القوى، الذى صدر عن مجلس الوزراء فى نفس اليوم، واضعاً الأمور فى مكانها الصحيح!.
كان الوزراء الثلاثة وقوفاً أمام مقر الاجتماع، وكان الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، يقف فى يمين الصورة، بينما ملامح الأسى من عدم التوصل إلى النتيجة المرجوة، تبدو مرسومة على معالم وجهه.. وكان هذا شيئاً طبيعياً.. ولكن غير الطبيعى كان فى المساحة المتبقية من الصورة!.
ففى شمالها كان يبدو ياسر عباس، وزير الرى السودانى، ثم إلى جواره يقف سيلشى بيكلى، وزير الرى الإثيوبى.. وكانت مسافة ممتدة ولافتة تفصل فى فضاء الصورة، بين الدكتور عبدالعاطى من ناحية، وبين عباس وبيكلى من ناحية أخرى!.
وكان هذا أمراً غير مفهوم من جانب الوزير السودانى، لأنى كنت أتوقع اصطفافه إلى جانب الوزير عبدالعاطى، لا إلى جانب الوزير بيكلى.. فلقد اصطفت القاهرة على الدوام إلى جوار الخرطوم ولاتزال، وكان التوقع بالتالى أن تصطف الخرطوم إلى جوار القاهرة فى هذه الجولة الفاصلة بالذات!.
وكانت فى الصورة بقية.. وكانت هذه البقية أن ابتسامة عريضة ارتسمت على وجهى الوزيرين الإثيوبى والسودانى!.. وكان هذا شيئاً محزناً فى حد ذاته.. فابتسامة الوزير الإثيوبى قد يكون لها ما يبررها، على أساس أنه سعيد بمواصلة التعنت فى المفاوضات.. ولكن ما هو مبرر ابتسامة الوزير ياسر عباس؟!.. هل كان يبتسم لأنه يرى أنه حقق انتصاراً؟!.. وعلى مَنْ؟!.. إننى كنت أتوقع منه أن يشارك وزيرنا مشاعره، وأن تكون مشاركته تعبيراً عن أن ما يهم مصر يهم السودان بالضرورة!.
لقد تفاءلت عندما قرأت على لسان عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السودانى، فى حواره مع الأستاذ علاء ثابت، رئيس تحرير الأهرام، صباح الخميس قبل الماضى، أن رؤية بلاده فى سد النهضة هى نفسها رؤيتنا.. غير أن الهيئة التى ظهر عليها وزيره المسؤول فى الصورة قد بددت الكثير من هذا التفاؤل.. ولكن ما يطمئننا فى الموضوع كله، أننا أصحاب قضية عادلة، وأن قانون الأنهار فى العالم يدعم موقفنا ويعززه!.