الضمير بين الأمل واليأس


الضمير لا يولد مع الإنسان وليس جزءاً من جيناته وليس من وظائف العقل، بل هي مشاعر داخلية تحددها ظروفه الحياتية منذ بداية نشأته وتربيته وتعليمه وخبرته، والبيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي ينمو فيها. يؤثر في درجة نزاهة الانسان وأمانته، ويشكل شعوره بالمسؤولية الأخلاقية تجاه نفسه ومحيطيه ومجتمعه والعالم ويدفعه إلى القيام بالعمل الصحيح أو الدفاع عنه أو تأييده. وبقدر وجود الضمير داخل الإنسان بقدر شعوره بالذنب والتأنيب أو بالرضا النفسي.
والضمير يكون حاضرا أحيانا وغائبا أحيانا. وفي حالات أخري يكون حاضرا دائما أو غائبا دائما. وتتفاوت درجاته وتعريفاته من إنسان لأخر ومن زمن لأخر ومن مكان لأخر. وبالرغم من محاولات عدة لتوحيد الضمير الإنساني عبر التاريخ البشري إلا أن اختلاف البشر قد صعّب من هذه المحاولات، وتكاد تكون قد فشلت في أغلب الأحوال.
والضمير له عدة أوجه، فهو ليس دائما حاصنا لعمل الخير. بل كثيرا ما يختل وتتغير أحكامه وموازينه. فهناك من يملك ضميرا يبرر به أخطاءه، أو يوقعه في عقدة الذنب دون مبرر، أو يدافع به عن عادات وتقاليد بالية وهمجية، أو يتأثر بالإرشاد الخاطئ.
وبالرغم من أن تاريخ البشرية لم يجد في الضمير الإنساني ملاذا لتحقيق السلام والمساواة والعدل للجميع، إلا أن الباحثين والدارسين لعلم الفلسفة الأخلاقية استمروا في اعتقادهم أن الأساس الأخلاقي في البشرية فطري، وأن الضمير هو ما يميز الحياة الإنسانية عن الحياة الحيوانية.
وقد أيقنت دول العالم، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، الحاجة إلى وضع تعريف وقواعد ملزمة للسلوك والأداء الإنساني تحركه توافق عالمي حول ماهية الضمير.
إلا أن حصيلة التجربة البشرية خلال السبعة عقود الماضية لم ترتقي بأي حال من الأحوال إلى ما تم التوافق عليه.
وللحديث بقية ...

من صفحته

التعليقات