أحمد زكى ونصف الحقيقة!!
أطلق بشير الديك عنوان (غزال شارد) على مسلسله الذى يتناول حياة أحمد زكى، والذى حمل فى البداية اسم (الإمبراطور)، لم أرتح لكلا العنوانين.. (الإمبراطور) يشبه أكثر محمد رمضان، استكمالًا لألقاب (الأسطورة) و(نمبر وان) و(البرنس)، بينما الثانى لا تجد أى وجه للقربى بينه وبين أحمد زكى، فهو يخلو من أى سحر يجب أن يوحى به عنوان يتناول شخصية بها كل هذا الوميض.
ليس اسم المسلسل ما يعوق استكمال المشروع، ضربات هنا وهناك يتلقاها رمضان وبشير، خاصة من ورثة أحمد زكى.. فى البداية قالوا إن أحمد أوصاهم بعدم تقديم حياته، ثم بعد ذلك اشترطوا أن يقرأوا أولًا السيناريو، من الممكن قطعًا أن يصبح الورثة أحد المراجع التى يلجأ إليها الكاتب للتوثيق، لكنهم ليسوا المرجعية الوحيدة ولا هم أيضا أصحاب القول الفصل، الورثة لهم عادةً تحفظات متعددة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجانب الشخصى.. عندما سألوا أرملة الشاعر الكبير «أحمد رامى» عن علاقة «رامى» بأم كلثوم، وهل صحيح أنه كان العاشق المتيم؟، قالت إن «رامى» لم يحب يومًا «أم كلثوم»، وإنه فقط كان متيمًا بصوتها!!.
زوجة شاعر الشباب تقول ما تعتقد أنه الحقيقة، أو ما تتمنى أن يصبح حقيقة أو - وهو الأقرب للصحة - ما يحفظ لها كبرياءها كامرأة تزوجت رجلًا يوقن الملايين أن «أم كلثوم» هى حبُّه الأثير وملهمته الوحيدة، يتمايل الناس طربًا مع أغنيات «يا ظالمنى» و«هجرتك» و«رق الحبيب» و«أغار من نسمة الجنوب» و(جددت حبك ليه).. وغيرها، لأنهم يعلمون أنها رسائل حب لأم كلثوم، كان «رامى» هو الحبيب المعذب ولا يناله إلا الصد والهجران والهوان، ولهذا كتب لها «عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك» وكان هو الذليل الذى يهوى من طرف واحد. لو أن الكاتب «محفوظ عبدالرحمن» والمخرجة إنعام محمد على التزما برأى السيدة زوجة «أحمد رامى»، على اعتبار أنها أقرب الناس إليه وأنها الأدرى بمشاعره، لما أصبح لدينا مسلسل اسمه «أم كلثوم».. لو اقتصرت العلاقة على أغنية يكتبها رامى ويحصل على ثمنها، فما الذى من الممكن أن يتابعه الناس؟!!.
هل كانت العلاقة مثلًا بين «أم كلثوم» و«القصبجي» مجرد موسيقار كبير معجب بصوتها، أم أن جنونه بها جعله يهدد الموسيقار محمود الشريف بالقتل بعد إعلان الخطوبة، وبالمناسبة صورة محضر الاتهام ظل الشريف محتفظًا بها ضمن أوراقه؟!.
عندما تغيب المشاعر الإنسانية، يغيب التوحد مع العمل الفنى.. كان المهندس «محمد الدسوقي» ابن شقيقة «أم كلثوم» قد ملأ الدنيا قبل عشرين عامًا بالصراخ والاحتجاج ضد صناع المسلسل وأقام دعوى لإيقاف العرض، إلا أنه وبعد الأسبوع الأول وأمام التأييد الشعبى الكاسح وجّه الدعوة لأسرة المسلسل وتناولوا معًا سحور رمضان!!.
الإنسان هو وقود الدراما، لا أتصور مثلًا أن بشير الديك من الممكن أن يتجاهل ذلك، بحجة أنه لن يقدم نميمة، علاقات أحمد زكى الشخصية موثقة فى الصحافة وليست أبدًا نميمة، ربما فقط أراد بشير تهدئة الأمور قبل الشروع فى الكتابة، لأن أغلب شهود الوقائع أحياء يرزقون، وعدد منهم من المنطقى أنهم تواصلوا مع بشير، وسوف يتابعون ما تُسفر عنه الشاشة، ولن يرضوا أبدا بنصف الحقيقة!!.
(المصري اليوم)