فى هذا الكتاب!
لا يلتقى الدكتور حسام بدراوى مع شاب فى أى مكان إلا كان الحوار ثالثهما، ولا يجتمع بعدد من الشباب إلا كان الحوار قاسمًا مشتركًا أعظم فى الجلسة، وهواءً يتنفسه الحاضرون بغير استثناء!.
وهذا هو الخيط الممتد بين كل الصفحات فى كتابه الجديد الصادر عن دار نهضة مصر تحت هذا العنوان: على مقهى «الحالمون بالغد» !.. والأهم فى الكتاب الذى سيجد القارئ فيه متعة عقلية مؤكدة، أنه لا يدعو إلى الحلم بالغد ثم يتوقف عند هذا الحد.. إنه يقرن الدعوة بدعوة أخرى لا بديل عنها ولا مفر منها هى العمل من أجل الغد.. لا الحلم به فقط!.
ولأن الحوار يمثل قيمة عليا فى الكتاب، فإنه قد ذكرنى بكتابين لكاتبين كبيرين، أما أحدهما فهو كتاب «على مقهى فى الشارع السياسى» لإحسان عبد القدوس.. وأما الثانى فكتاب «على مقهى الحياة» للدكتور سمير سرحان.. فكلاهما، عبدالقدوس وسرحان.. كان يتذوق الكلمة بإحساس رفيع، وكلاهما كان ممن يجب أن نظل نذكرهم بالكثير من العرفان!.
ولن يستطيع أحد أن يجارى الدكتور بدراوى فى إيمانه العميق بالشباب، وقد قدم فى كتابه دليلين على هذا الإيمان الذى لا يتزعزع لديه فى كل اللحظات.. كان أول دليل أنه رأى فى ابنته داليا مثلًا أعلى ولا يزال.. وإذا كانت العادة قد جرت على أن يكون الأب مثلًا أعلى فى نظر ابنه، فالدكتور حسام كسر هذه العادة، لأن داليا عندما واجهت مرضًا مفاجئًا فى شبابها قد واجهت بابتسامة وانتصرت بإرادة.. وكان هذا كافيًا لكسر العادة التى عاش عليها الناس!.
والدليل الثانى أنه لما أسس أسرة طلابية فى قصر العينى فى بداية أستاذيته فيها قد سماها: أحفاد الفراعنة.. وكان يأخذه أعضاؤها إلى سينما كايرو فى أول كل شهر لمشاهدة فيلم جديد، مؤمنًا بقدرة الفن على بناء الإنسان، فلما دخلت الأسرة انتخابات اتحاد الطلاب كسبتها بجدارة من الجماعات الإسلامية، وكان لا بد أن تكسبها بتأثير مفعول الفن فى العقول!.
فى الكتاب سوف تكتشف أن المؤلف فنان يرسم لوحات ممتلئة بالمعانى ويوزعها على الصفحات، وسوف يضع لك «باركود» عند أول كل فصل جديد، لتستطيع به أن تسمع مقطوعة موسيقية على موبايلك إذا شئت، أو تقرأ قصيدة «ابتسم» لإيليا أبوماضى، أو قصيدة «ترجمة شيطان» للعقاد!.. وفى كل الأحوال سوف تكون ممتنًا لصاحب الكتاب الذى صدر بثلاث مقدمات للدكتور مراد وهبة، والدكتور محمد المخزنجى، والشاعر فاروق جويدة.. فكأنه أربعة كتب لا كتاب واحد!.