رسائل السيسي!
الرسائل التى أرسلها الرئيس السيسى، فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت قوية وحاسمة، وتؤكد مكانة مصر وشعب مصر.. كما كانت دقيقة، وسريعة، وتناولت عددًا من القضايا المصرية والإقليمية، خاصة حينما تحدث عن ضرورة التصدى لأى خرق لخط سرت/ الجفرة فى ليبيا، وقال: سوف نتصدى بحزم لمَن يفكر فى كسر الحظر، وهو يشير إلى تركيا، ويؤكد أنه سيلجأ إلى استخدام القوة فى الأمم المتحدة، وهو بذلك يضع الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها، وأظن أنه كان يقصد الإشارة أيضًا إلى موقف مصر من نهر النيل!
وفى هذه النقطة عبّر الرئيس عن قلق الأمة المصرية تجاه سد النهضة الإثيوبى، وأشار إلى جلسة مجلس الأمن فى يونيو الماضى للتدخل ضد ما يعكر السلم والأمن الدوليين، واعتبر أن هذه القضية تعكر السلم والأمن فى إفريقيا والشرق الأوسط، وقال إنه لا يصح أن تحتكر دولة واحدة مياه النهر العظيم لصالحها دون باقى دول المصب.. وهى رسالة بعلم الوصول إلى الأمم المتحدة.. ندعم فيها الرئيس بكل قوة حتى يعود النهر يجرى الآن، وللأبد، دون تدخل أو احتكار من أى دولة، وهى إشارة إلى خطيئة إثيوبيا فى معالجة قضية سد النهضة!
وفى تقديرى أن السياق الذى تحدث فيه الرئيس كان يعنى أن مصر ستستخدم القوة بالمعيار نفسه، ولن تسكت على اختراق الحقوق التاريخية فى مياه النيل، وقال إن مياه النيل مسألة حياة، وضرورة للبقاء.. وقال أيضًا إن مصر بحكم تاريخها وموقعها وانتمائها الإفريقى والعربى والإسلامى والمتوسطى، وباعتبارها عضوًا مؤسِّسًا للأمم المتحدة، لديها رؤيتها إزاء النهج الذى يتعين اتباعه لتحسين أداء وتطوير فاعلية النظام الدولى متعدد الأطراف، مع التركيز بشكل أخص على الأمم المتحدة!
ولم يقف عند حد طرح المطالب، وإنما هدد بحق مصر فى التدخل كدولة رائدة فى محيطها لتطوير وتغيير فاعلية النظام الدولى.. من مجتمع يتفرج إلى مجتمع فاعل يتدخل لنصرة الحقوق التاريخية، وهى الإشارة التى سبق أن عرضتها مصر من قبل لتطوير النظام الهيكلى للأمم المتحدة!
فقد تفرجت الأمم المتحدة على العالم فى حرب الإرهاب، وعلى مَن يمولها من الدول الراعية للإرهاب، وهى تعرف وتصمت.. وتتفرج الآن على قضية نهر النيل، وعلى اجتياح ليبيا لسرقتها، كما تمت سرقة أراضى فلسطين تحت سمع وبصر المجتمع الدولى.. وأظن أن الرئيس قال كل شىء، بلهجة لا تخلو من قوة ولا تخلو من دبلوماسية أيضًا!
وأخيرًا لوح الرئيس بورقة اللاجئين، وقال إننا لم نبْتَزّ أحدًا ونحن نرعى 6 ملايين لاجئ بشكل طبيعى، دون أن نهدد أحدًا أو نساوم أحدًا.. وكأنه يقول دعونا نعيش فى سلام لنصلح أحوال بلادنا.. واستخدم لغة لا تخلو من ذكاء وحكمة.. ليؤكد أن مصر لن تنام عن حقوقها فى الإصلاح والسلام ونهر النيل، وحتى فى تعديل ميثاق الأمم المتحدة، ليبقى نظامًا فاعلًا!