إبداع مركز الإبداع

ستنتابك أحاسيس شتى وأنت تشاهد هذا العرض الفنى الجميل: الفرح والحزن، الانبهار والتأسى، استدعاء الماضى وإدانة الحاضر. ساعتان إلّا الربع، وخمسون شابة وشابا يقفون على المسرح يعرضون فى تكوين فنى جميل مشاهد عديدة من أفلام مصرية- قديمة- يحفظها الجمهور الحاضر عن ظهر قلب ويرددون حوارها معهم، يحملون من خلالها رسالة تقول: ذلك هو ماضى السينما المصرية وتلك هى أفلامها المبهرة، هكذا كنّا وكان الفن السينمائى الذى يجب أن يعود بنفس القوة وبنفس هذا الإتقان.

العرض هو (سينما مصر) للمخرج المسرحى القدير خالد جلال، رئيس قطاع الإنتاج الثقافى والمشرف على مركز الإبداع الفنى بوزارة الثقافة، والذى سبق وتتابعت ابتكاراته الفنية واكتشافاته للنجوم الجدد الذين أصبحوا الآن فى كل مجال، والعرض الجديد يؤديه شابات وشباب مركز الإبداع يقدمهم خالد جلال بأسمائهم كاملة لم يغفل اسماً واحداً منهم ومنهن، وهم الذين اجتازوا اختبارات عدة وقضوا شهورا طويلة فى تدريبات صعبة.

الفكرة الرئيسية فى العرض تبدأ وتدور وتنتهى عبر مشاهد من فيلم (الليلة الأخيرة) الذى تم إنتاجه عام ١٩٦٣ وقام بكتابة السيناريو له الأديب يوسف السباعى وصبرى عزت وأخرجه كمال الشيخ، والبطولة لفاتن حمامة (نادية) التى يبدأ الفيلم- كما نعلم- باستعادتها لذاكرتها بعد سنوات طويلة بعد ما فقدتها إثر غارة جوية تهدمت معها بنايات الحى ومنها منزل والدها، ماتت أختها (فوزية) وطمع زوجها (محمود مرسى) فى ميراث الأسرة فأوهمها أنها زوجته لسنوات طويلة حتى عادت إليها بمساعدة الطبيب (أحمد مظهر)، هذا الفيلم كان هو الإطار الذى استخدمه المخرج ليجمع داخله أشهر الأفلام المصرية- وكأنها ملامح من ذكريات نادية التى تجاهد لاستعادة ذاكرتها- وجعلها المعادل الموضوعى للسينما المصرية التى يجب أن تتذكر أفلامها الرائعة القديمة لتصنع حاضراً سينمائياً بنفس جودة ومجد وإتقان التراث القديم، وتنفض عنها كل ما هو ردىء وقبيح وفاقد القيمة.

العرض المسرحى (سينما مصر) يقول: هكذا كنّا، وتلك روائع السينما المصرية (بداية ونهاية، غزل البنات، المومياء، عرق البلح، إجازة نص السنة، المصير الزوجة الثانية، ثمن الحرية..) وغيرها كثير، وتلك مقتطفات من خمسة وأربعين فيلماً فقط، نذكر بالقديم ونصر على صناعة حاضر جديد للسينما المصرية كما أصرت (نادية) على استعادة وعيها وشخصيتها، وتلك هى السينما التى تليق بمصر زمان والآن.

عرض (سينما مصر) مزيج من الفن والسياسة، من السينما والمسرح وأيضاً من اليقين فى الحاضر وفى المستقبل.

عن(المصري اليوم)

 

التعليقات