يوم فى حياة مدرس

عنوان برنامج عن المحترفين أو المتميزين فى التليفزيون الياباني. البرنامج عبارة عن فيلم تسجيلى يظهر فيه المدرس منذ البداية حتى النهاية «أميتو» أصبح مثلاً ورمزاً للمعلم القدوة والذى يبدأ يومه فى المدرسة وهو يعلم التلاميذ ويبحث عن أخطائهم ومن خلال تلك الأخطاء يفكر ويصمم دروساً وطرقاً جديدة لتعليم الطلاب عن طريق الابتكار والتجديد وكذلك عن طريق التودد إلى الطلاب ومحاولة الابتكار وتحفيز الطلاب على اكتشاف ذواتهم وعندما ينتهى من التدريس فى المدرسة يذهب إلى مدرسة خيرية للتلاميذ غير القادرين مادياً أو علمياً على الالتحاق بالمدرسة الإعدادية والثانوية وهناك يدرس لأكثر من 60 طالبا دون مقابل غير أنه يأمل فى تغيير العالم من خلال هؤلاء الصغار الذين لم يجدوا مكاناً فى المدرسة لظروف المجتمع أو لظروف إنسانية وقبل نهاية اليوم يذهب إلى أحد الملاجئ مع طلاب مدرسته الصباحية ليعلموا هؤلاء الأيتام أو الأطفال الذين ليس لهم ملجأ أو عائلة فيجد طلابه فى المدرسة الصباحية قد قاموا بواجبهم ودورهم تجاه المجتمع وتجاه هؤلاء اليتامى الفقراء وايضاً من لا يملكون قدرة مالية أو فكرية.. وطوال الفيلم الوثائقى التسجيلى يعبر المدرس عن مبادئه وعن أحلامه فى أن يكون الإنسان ذاته وأن يكتشف قدراته وأن يتقبل الاختلاف وأن يحاول أن يقدم علمه وفكره ووقته للآخرين فى أى مكان.

هذا إعلام وهذا تعليم فى مدرسة يابانية ما بعد الكورونا وفى زمن الوباء والمادة ومع هذا أصبح هذا المدرس نموذجاً ناجحاً وقدوة يقدمها الإعلام اليابانى للعالم فى بساطة وفى حرفية ليؤكد أن العلم والتعليم رسالة ولم أجد أى وسيلة أو أداة أو جهاز إلكترونى فى الفيلم ولكن سبورة وطباشير وأقلام ومدرس وألوان وأوراق وإنسان لديه مبادئ وأفكار وعلم وإرادة ومجتمع يدرك أن الإنسان هو المحور وهو النواة وهو الأساس لأى تقدم ولأى علم.. هذا المعلم أستاذ رياضيات متخرج في كلية الهندسة والتكنولوجيا بجامعة طوكيو ومع هذا فإنه يتعامل و يعلم بالطباشير والأوراق.. لا وجود لأى تابلت أو إنترنت.. أما الإعلام فإنه أنفق وأنتج فيلماً عن مدرس إعدادى ولم ينتج فيلماً عن لاعب كرة أو راقصة أو ملك أو أميرة وكل هؤلاء يستحقون أفلاما إذا كانوا قد أضافوا إلى مجتمعاتهم أو خدموا أهلهم وناسهم ووطنهم وابتكروا وأبدعوا ولم يتدخل المخرج بأن يستضيف من يتحدث عن المدرس ولكن أعماله وتلاميذه وحياته وفكره تحدثوا عنه.. الأبطال هم التلاميذ والفقراء والأيتام والمدرس والفصل والسبورة... إنه التعليم ثم التعليم إنه المدرس الإنسان القادر على التغيير وعلى التطوير والتجديد والبناء.. إنه الإعلام الهادف المستنير الذى يبنى العقل والوعى ويقدم النموذج والقدوة فى بساطة وحرفية وجمال وصدق... ماذا هو حال يوم فى حياة مدرس مصرى... منذ ركوب التوكتوك أو الميكروباص إلى معاناة فصل به 85 طالبا لا يريدون التعليم لأسباب عدة أو أنه أيضا لا يقدر على تعليمهم لأسباب نعرفها وندركها ولا نعالجها ولأن التابلت والنت والكورونا والمجموعة المدرسية والكتاب والمصروفات والتعليمات بأن تكون المدرسة للأنشطة فقط ومن يريد التعلم يلتحق بالمجموعة والدرس الخاص ويتابع برامج التليفزيون التعليمية ويجد المعلومة فى الكتاب الجديد أو على التابلت والنت ولا يهم دور المعلم ولا يهم بناء الفرد الخاص وإنما المهم هو التكنولوجيا.

متى نعترف أنه آن الأوان لنتعلم من الأخطاء لا أن نستمر فى خداع الذات.

(الوفد)

التعليقات