شكر الله سعيكم
تبقى المعانى فى هذه الحكاية أهم من أسماء الأبطال.. والمعنى الأهم هو أن الإنسان قد يجيد الاستعداد لمواجهة خصوم أقوياء والانتصار فى المعارك الصعبة.. ثم تفاجئه الخسارة أمام خصم ضعيف لم يكن يلتفت إليه أصلا، وفى معركة كان واثقًا تمامًا من الفوز فيها.. وقد كان وديع الجرىء، رئيس الاتحاد التونسى لكرة القدم، من أقوياء الكرة التونسية.. كان له أنصاره وكان له أعداء أيضا ومنافسون حالمون بمقعده ومنصبه.. وطوال الوقت كان وديع الجرىء يتحسب لهؤلاء الأعداء والمنافسين ويحذرهم ويحاربهم ليحتفظ بقوته ومنصبه.. ووسط ذلك كله.. اتخذ رئيس الاتحاد التونسى الموسم الماضى قرارًا قاسيًا وظالمًا ضد نادى هلال الشابة.. وهو نادٍ ليس بحجم أو قوة الترجى والإفريقى والنجم الساحلى والصفاقسى.. نادٍ ينتمى لمدينة صغيرة دخلها الوحيد يأتى من الصيد ولا تملك إلا القليل من المراكب ويكاد لا يعرفها أحد خارج تونس.
وفى سبتمبر الماضى.. تعرض هلال الشابة لظلم تحكيمى فى إحدى مباريات الدورى الممتاز.. فقامت إدارة النادى بتوجيه انتقادات قاسية للاتحاد التونسى عبر صفحتها الخاصة فى «فيسبوك».. فقرر وديع الجرىء فرض عقوبة على هلال الشابة قيمتها 55 ألف يورو.. ورفض النادى سداد هذه الغرامة فما كان من رئيس الاتحاد إلا أن قرر تعليق نشاط النادى وإلغاء مشاركته فى الدورى التونسى الممتاز، ومنعه أيضًا من المشاركة فى أى أنشطة كروية تونسية فى الموسم الحالى.. وكان من الممكن أن يتوقع وديع الجرىء أن يخسر منصبه فى حالة الصدام مع أى من أندية تونس القوية والكبيرة.. لكنه أبدًا لم يتوقع أن قراره ضد هلال الشابة سيفقده كل شىء.. ففى البداية تجمع أهالى المدينة وأعلنوا تضامنهم مع ناديهم ضد الاتحاد التونسى.
وبدأوا إضرابًا عامًا شاركت فيه البلدية وكل أهالى المدينة التى تم إغلاق مداخلها لعدة أيام.. ثم تطور الأمر من التظاهر والإضراب ليصبح قرارًا جماعيًا بالهجرة إلى إيطاليا.. وبدأ جمع الأسماء بالفعل استعدادًا للهجرة الجماعية إلى إيطاليا.. وتقدم النادى بشكاواه واحتجاجاته إلى اللجنة الأوليمبية التونسية التى قررت منذ أيام تجميد نشاط وديع الجرىء أربع سنوات مما يعنى خسارته كل شىء.. ولم يجد وديع الجرىء ما يقوله تعليقًا على هذه العقوبة والخسارة إلا أن يصدر بيانًا قال فيه: شكر الله سعيكم.
(المصري اليوم)