أعرف بأن دائرة الأصدقاء قد ضاقت وأن الوصول إلى صديق حقيقي أصبح مهمة صعبة ..!!
ماأكثر الناس حولك ولكن لن تجد أحداً منهم فى لحظة ضيق أو شدة ..؟
الناس تريدك دائماً فرحاً أو مبتسماً .. ولكن إذا ضاقت الدنيا عليك فلن تجد من يمد يده إليك ..؟
لقد رحلت وجوه كثيرة من الأصدقاء وأعترف بأن معظم من عرفت من الأصدقاء فى شبابى كانوا من كبار السن .. وحين سرقتنا سنوات العمر أنسحبوا ووجدت نفسى أقف فى الصف وحيداً .. كنت أحب فى أصدقائي خبرة الأيام وتجارب الحياة وأخذت منهم دروساً كثيرة ، ولكن غيابهم ترك فراغاً كبيراً ..؟ إن أجمل شيء فى الحياة صديق يأنس إليه ويثق فيه ويجده فى لحظات الشدة .. ولكن الأيام بخلت علينا بالأصدقاء أمام مسؤليات الحياة لا وقت الآن للصداقة هناك أشياء كثيرة فرقت الناس حتى أبناء الأسرة الواحدة ..!! حكى لي الصديق الراحل أحمد هيكل وزير الثقافة أنه ذهب لزيارة الشاعر الكبير أحمد رامى فى بيته ووجده جالساً فى شرفة المنزل ولاحظ دموعاً فى عينيه وسأله ماذا بك
يا أستاذ ، قال رامى :- أعتدت أن أجلس مع أبنى (توحيد) نشرب القهوة كل صباح فى هذا المكان ولكن توحيد غاب عنى منذ أن أعلن خطوبته وحرمنى من أن نشرب القهوة معاً كل صباح ..؟
وكلما أنسحبت من حياتى أطياف الأصدقاء تذكرت قصة رامى وأدركت أنه لا شيء يعوضنا عن غياب الأصدقاء لأن للزمن حسابات ولا يستطيع الإنسان أن يفرض على نفسه صديقاً أو أن يقتحم حياته صديق آخر ...!!!
إن الصداقات تحكمها الآن أشياء كثيرة يأتي فى مقدمتها لغة المصالح لأن الناس الآن تبحث عن علاقات تفيد ولا يعنى شيء يسمى المشاعر منذ غابت لغة المشاعر سيطرت على الناس لغة المصالح وكل إنسان يبحث عن صداقة تعطى ...؟
إن آخر ما يبقى بعد غياب الأصدقاء أيام ثقيلة موحشة ...؟
*إذا بقى لديك صديق من أيام الزمن الجميل فهو ثروة لا تعوض فلا تفرط فيها* ..

"عن الأهرام"