القاهرة كابول

في أزمة ما يسمى بالحريات والديمقراطية تظهر كارثة ما حدث فى أفغانستان وسيطرة حركة إرهابية متشددة باسم الدين الحنيف على مقدرات شعب عانى لمدة تزيد على عشرين عامًا من احتلال أمريكى قتل وحرق ودمر نفوسا وبيوتا وحول كل البلدان إلى خرابة كبرى على غرار ما يفعله الكاوبوى الأمريكى فى جميع الأفلام الأمريكية، حيث إن الاستعمار الأمريكى يقوم على مبدأ الإبادة العرقية والبشرية لتسود حياة أخرى جديدة بمجموعة جديدة من البشر لا انتماء لهم إلا للمنفعة الذاتية والبرجماتية البشرية، حيث كله يقوم على أسس مادية بحتة ومن هنا نجد أن المجتمع الغربى منقسم ما بين شعوب ترفض سياسات حكامها وبين حكام ينفذون مخططات السيطرة على العالم كل وفق أجندة سياسية محددة، وفى الشرق الأوسط فإن الأجندة هى اللعب على فكرة ومبدأ «الدين» وبعد فشل الحروب الصليبية وانتهاء عصور الاحتلال العسكرى وتراجع فكرة الاحتلال الثقافى ظهرت فكرة جهنمية عن صراع الحضارات أو بالأحرى صراع الأديان فما كان من المستعمر الأكبر إلا أن وضع خطة «الدين» كمدخل للصراعات فى منطقة تسيطر عليها دولة وتحتلها باسم الدين ألا وهى اسرائيل وفى مقابلها عدة دول تتخذ من الدين ملاذًا ومرفأ وعقيدة تقيم عليها أسس ملكها وحكمها، ومن هنا بدأت فكرة الصراع الدينى فى دول الشرق الأوسط لنصل إلى المذهبية والعرقية والطرق والحركات المتشددة ما بين سنى وشيعى وما بين ناجين من النار وكافرين وأخيرًا دواعش وطالبان، المهم أن تغرق تلك المنطقة فى أزمة «الدين» وتبتعد عن الصراع مع إسرائيل باعتبار أن تلك القضية مؤجلة وهى فى الواقع أساس ولب الأزمة الكارثية التى سوف تحول الإسلام فى نظر الغرب على أنه دين العنف والقتل والاغتصاب وإن الشعوب تهرب منه كما هرب الآلاف نحو الطائرات الأمريكية فى رسالة تصدر للعالم أجمع أن الإسلام دين قامع للحريات وضد الإنسانية، ونسى هؤلاء أن التاريخ يؤكد أن دخول الإسلام إلى تلك الدول فى غرب آسيا كان لأنه دين المحبة والسماحة والتعايش السلمى الذى دفع الناس من أجناس وأعراق مختلفة لأن يدخلوا فى هذا الدين الجديد لكن بقاء الحال من المحال حين تجتمع أدوات الدمار من جهل وغياب للتعليم والثقافة والفنون واعلام الصوت الواحد نجد أن ما فعلته أمريكا فى أفغانستان هو جزء من تدمير المنطقة بأيدى أبنائها كما حدث فى سوريا ولبنان وليبيا واليمن ولكن فى أفغانستان لم تنفق الدولة المستعمرة دولارًا واحدًا على المدارس والتعليم وبناء جامعات ومستشفيات ومسارح وسينما وإنما كانت الأموال تنفق على الأسلحة وشراء الذمم والعمالة.. وفى مسلسل القاهرة- كابول لعبدالرحيم كمال وإخراج حسام على والذى عرض فى رمضان هذا العام نجد أن الحلقة الثانية تلخص مفهوم السيطرة والحكم الذى أنتج ما نحن فيه من صراعات حيث يجتمع الاعلام متمثلًا فى «طارق كساب» مع الفن والخيال متمثلًا فى «خالد» مع السلطة والأمن متمثلًا فى «عادل» مع الدين والتعصب متمثلًا فى «رمزي» ليتعاهدوا جميعًا على حكم العالم كل وفق مبدئه وفكره وتوجهه وتنتهى الحلقة الثانية بمقتل «خالد» الذى أنتج فيلمًا عن الإسلام السياسى فى رسالة واضحة أن الفن والخيال قد خرج من الصراع مبكرًا بطلقة رصاص من الإرهاب.. ويبقى على الساحة ثلاثة يتصارعون من أجل المزيد من السلطة والحكم والسيطرة ألا وهم الاعلام والأمن والإرهاب الدينى... الكل يمارس السيطرة باسم مبدأ يعتنقه وفكر يؤمن به والضحية دومًا هى الإنسانية والخيال الساحر والفن المهيض.

"عن الوفد"

التعليقات